أثار تصريح وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، موجة جديدة من الجدل، بعدما وصف نشطاء “أسطول الحرية” المعتقلين في إسرائيل بـ”الإرهابيين”. يندرج هذا الخطاب ضمن سياق سياسي وأمني متشابك، يعكس ليس فقط الموقف الرسمي الإسرائيلي من المبادرات المدنية الدولية لكسر حصار غزة، وإنما أيضاً طبيعة التوجهات اليمينية المتطرفة داخل حكومة الاحتلال.
أسطول الحرية يعّري السياسة الوحشية
انطلقت مبادرة أسطول الحرية منذ عام 2010 كمبادرة دولية إنسانية تهدف إلى كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة عبر إرسال سفن محمّلة بالمساعدات ومتطوعين من مختلف الجنسيات. ومنذ بدايتها، واجهت هذه المبادرات تضييقاً أمنياً وعسكرياً شديداً من قبل إسرائيل، التي اعتبرت أي محاولة للوصول إلى غزة تحدياً مباشراً لسيادتها الأمنية.
خطاب بن غفير يغرق إسرائيل في عزلتها الدولية
في مقطع مصوَّر، ظهر بن غفير وهو يخاطب معتقلي الأسطول قائلاً: “أنتم إرهابيون”، مؤكداً أنهم “لم يأتوا للمساعدة وإنما لدعم غزة ودعم الإرهابيين”. هذا التوصيف لا يخرج عن إطار القاموس الأمني الإسرائيلي التقليدي، لكنه في حالة بن غفير يكتسب دلالة إضافية، إذ يعكس التوظيف المفرط لمفهوم “الإرهاب” بغية نزع الشرعية عن أي فعل تضامني أو مدني موجه نحو الفلسطينيين.
الأبعاد السياسية والقانونية
-
التأطير القانوني: استخدام وصف “الإرهاب” لمعتقلين مدنيين متطوعين يُعدّ توظيفاً سياسياً للقانون الدولي لمكافحة الإرهاب، في محاولة لشرعنة الاعتقال التعسفي وتبرير الإجراءات القمعية.
-
البعد السياسي الداخلي: تصريحات بن غفير تخاطب بالأساس الجمهور الإسرائيلي اليميني المتطرف، حيث يسعى الوزير إلى ترسيخ صورته كحامٍ للأمن القومي عبر خطاب حاد ضد كل أشكال التضامن مع غزة.
-
الأثر الخارجي: وصف النشطاء الدوليين بالإرهابيين قد يؤدي إلى مزيد من التوتر مع المنظمات الحقوقية العالمية، ويعزز الاتهامات الموجهة لإسرائيل بخرق القانون الدولي الإنساني.
قراءة تحليلية
إن وصف بن غفير لموقوفي أسطول الحرية بالإرهابيين يمثل استمرارية لسياسة الاحتلال القائمة على تجريم التضامن وخلط العمل الإنساني بالفعل العسكري. هذا الخلط يخدم استراتيجية دعائية تهدف إلى تشويه صورة أي مبادرة مدنية قادمة، وخلق رادع نفسي وسياسي أمام النشطاء الدوليين الراغبين في الانضمام لمثل هذه التحركات.
توسيع دائرة الاتهام بالإرهاب
تكشف تصريحات بن غفير عن مسار خطير يتمثل في توسيع دائرة الاتهام بالإرهاب لتشمل ليس فقط الفصائل المسلحة، بل حتى المبادرات المدنية السلمية. وهو ما يطرح أسئلة جوهرية حول مستقبل الحركات التضامنية الدولية، وحدود القدرة الإسرائيلية على استخدام هذا الخطاب في مواجهة ضغط الرأي العام العالمي.