فرنسيون من أصول جزائرية يهاجرون من فرنسا إلى أمريكا وكندا ودول أوروبا، وبعضهم قرروا الاستقرار في بلاد أجدادهم. إنها ظاهرة “الهجرة المعاكسة”. يقولون إنها تتوسع بسبب انتشار العنصرية والكراهية الموجهة ضدهم.
في مطلع عام 2025، أعلن وزير الداخلية الفرنسي الأسبق، برونو روتايو، صراحة اعتماد بلاده استراتيجية “توازن القوى” في التعامل مع الجزائر. ومنذ ذلك الحين، لا تكاد العاصفة الدبلوماسية بين الجزائر و فرنسا تهدأ لتعود مرة أخرى، أكثر شدة وتعقيداً.
و يُجمع المراقبون في الجانبين على أن الأزمة الحالية بين باريس والجزائر وصلت إلى درجة غير مسبوقة من التوتر. بدأت بالاتهامات المتبادلة وطرد الدبلوماسيين، وانتهت إلى تعليق باريس العمل باتفاق إعفاء الرسميين من التأشيرة، ثم إلغاء العمل بها تماماً من قبل الجزائر.
بعيداً عن الدبلوماسيين والسياسيين في الجانبين، يواجه المهاجرون الجزائريون في فرنسا والفرنسيون من أصول جزائرية “أزمة مجتمعية” تتفاقم في البلاد منذ سنوات. ويتحدثون عن تصاعد غير مسبوق “للعنصرية وكراهية الأجانب، والجزائريين تحديداً”.
ففي سبتمبر/أيلول الماضي، عثر المُصلّون في أحياء، بوسط فرنسا، على 9 رؤوس خنازير أمام أبواب مساجدهم. وفتحت الشرطة تحقيقاً جنائياً في الحادث، الذي وصفته بأنه “تحريض على الكراهية، وتمييز على أساس عرقي أو ديني”.
الجزائريون أصبحوا هدفا للحملات العنصرية
يعتقد الجزائريون المقيمون في فرنسا والفرنسيون من أصول جزائرية أنهم أصبحوا هدفاً رئيسياً “للحملات العنصرية”، التي يقودها اليمين المتطرف، و”لخطاب الكراهية والتحريض” في وسائل الإعلام، فضلاً عن “الاعتداءات”، التي يتعرض لها الأجانب في البلاد.
والدليل على ذلك تلقي النائبة الفرنسية عن حزب البيئة، صابرينة صبايحي، يوم 11 مارس الماضي سلسلة من التهديدات بالقتل، بعد انتقادها لتصريحات وزير الداخلية، برونو روتايو، بخصوص الأزمة مع الجزائر، واستجوابها لوزير الخارجية بشأن موقف فرنسا من الحرب في غزة.
اليمين المتطرف هو المتسبب في أزمة كراهية الجزائريين
الكثير من الفرنسيين من أصول عربية وأفريقية، وعلى رأسهم الجزائريون غادروا البلاد أو يفكرون في الهجرة إلى بلاد أخرى. والسبب تصاعُد خطاب العداء للأجانب في وسائل الإعلام، وتزايد جرائم العنصرية، وتوسُّع التمييز ضد المسلمين في السنوات الأخيرة.
ويرى المراقبون للشأن الفرنسي أن المشهد السياسي في البلاد مال فعلاً إلى اليمين؛ فأصبحت الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل التجمع الوطني بزعامة، مارين لوبان، كتلة برلمانية رئيسية مؤثرة في صناعة القرار وصياغة السياسات العامة.