نجت الحكومة الفرنسية برئاسة سيباستيان لوكورنو من اختبار سياسي جديد بعد إفشال مذكرتين لحجب الثقة تقدمت بهما المعارضة داخل الجمعية الوطنية، في سياق سياسي متوتر يطغى عليه الجدل حول مشروع قانون المالية لسنة 2026. وتأتي هذه التطورات لتؤكد هشاشة التوازنات داخل البرلمان الفرنسي وتزايد التحديات التي تواجهها السلطة التنفيذية في تمرير سياساتها المالية والاقتصادية.
الخلفية السياسية للمواجهة
منذ الانتخابات التشريعية لعام 2022، تعيش فرنسا حالة من الانقسام البرلماني الواضح، حيث لم يتمكن أي حزب من تحقيق أغلبية مطلقة، مما جعل حكومة ماكرون الثانية تعتمد على تحالفات ظرفية أو على المادة 49.3 من الدستور التي تسمح بتمرير القوانين دون تصويت مباشر من النواب، مقابل إمكانية طرح مذكرات لحجب الثقة. وقد شكلت هذه الآلية محوراً رئيسياً في الصراعات السياسية الأخيرة، لا سيما بين الحكومة وتحالف اليسار (نوبس) واليمين المتطرف (التجمع الوطني).
تفاصيل التصويت ونتائجه
تم التصويت على مذكرتي حجب الثقة مساء أمس في الجمعية الوطنية، الأولى مقدمة من تحالف اليسار، والثانية من حزب التجمع الوطني. ورغم توحّد جزء من المعارضة في انتقادها لسياسات الحكومة، فإن التشتت بين مكونات المعارضة حال دون حصول أي من المذكرتين على الأغلبية المطلوبة (289 صوتاً من أصل 577).
بهذا، تمكنت حكومة أتال من تجاوز الأزمة مؤقتاً، لكنها خرجت منها أكثر ضعفاً على المستوى السياسي، إذ أظهرت نتيجة التصويت مدى محدودية الدعم الذي تحظى به داخل المؤسسة التشريعية.
الميزانية محور الصراع القادم
يُتوقع أن تشهد الجمعية الوطنية نقاشات محتدمة حول مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، وهو مشروع يحمل في طياته إصلاحات ضريبية مثيرة للجدل، إلى جانب إجراءات تقشفية تستهدف الحد من العجز العام الذي بلغ مستويات قياسية بعد جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.
وتخشى الحكومة أن تؤدي هذه النقاشات إلى تفجر أزمة سياسية جديدة، خاصة في ظل رفض المعارضة لتوجهات السياسة