كيف استطاع زهران ممداني قيادة الجيل Z لإحداث زلزال سياسي؟

شارك المقال

شهد المشهد السياسي الأميركي خلال سنة 2025 تحولاً لافتاً تمثّل في صعود السياسي التقدّمي زهران ممداني إلى واجهة الأحداث بعد فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك. وقد اعتُبر هذا الفوز بمثابة “زلزال سياسي” حقيقي، إذ تجاوز المعايير الانتخابية التقليدية واستند إلى طاقة جديدة قادها جيل الشباب المعروف بـ الجيل Z، الذي أعاد تعريف الممارسة السياسية عبر أدوات رقمية وتنظيمات ميدانية مبتكرة.

تميّز ممداني بقدرته على قراءة التحولات الاجتماعية والسياسية التي يعيشها الشباب الأميركي، فبنَى حملته على قضايا واقعية تمسّ حياتهم اليومية مثل ارتفاع تكاليف المعيشة، أزمة السكن، النقل العام، والمساواة الاجتماعية. وبخلاف الخطاب السياسي الكلاسيكي القائم على الوعود العامة، قدّم ممداني برنامجاً عملياً يقوم على التمكين الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، ما جعله قريباً من تطلعات الجيل الجديد الباحث عن التغيير الحقيقي لا الشعارات.

من الفضاء الرقمي إلى ساحة تعبئة سياسية

لقد نجح ممداني في تحويل الفضاء الرقمي إلى ساحة تعبئة سياسية فعالة، حيث استخدم شبكات التواصل الاجتماعي لتجنيد المتطوعين وتنظيم الحملات الميدانية في الأحياء الهامشية. كما اعتمد لغةً جامعة ومفتوحة، متحدثاً بعدة لغات (العربية، الأردية، الإسبانية، البنغالية)، مما مكّنه من كسر حاجز العزوف السياسي لدى المهاجرين والشباب ذوي الأصول المتعددة. هذا النهج التشاركي أوجد حالة من الانتماء الجمعي حول مشروعه، ما جعل حملته تُوصَف بأنها «انتفاضة انتخابية يقودها الجيل Z».

لقد أظهرت تجربة ممداني أن هذا الجيل، الذي وُصف سابقاً باللامبالاة السياسية، يمتلك قدرة كبيرة على إعادة تشكيل الخريطة الانتخابية متى وُجد قائد يُخاطب لغته وقضاياه. فقد ارتفعت نسب المشاركة الشبابية في المناطق التي نشّطت فيها حملته بنسبة قاربت 40% مقارنة بالانتخابات السابقة، وهو مؤشر على تحوّل الوعي السياسي من السلبية إلى الفعل. كما مثّل فوز ممداني تحدياً للنخب التقليدية داخل الحزب الديمقراطي، وأعاد النقاش حول مستقبل الديمقراطية التمثيلية في المدن الكبرى.

تحوّل بنيوي في العلاقة بين السياسة والجيل الجديد

إنّ نجاح زهران ممداني لا يُختزل في فوز انتخابي، بل هو تحوّل بنيوي في العلاقة بين السياسة والجيل الجديد. لقد استطاع أن يوظّف أدوات العصر الرقمي لخدمة أهداف اجتماعية واقتصادية ملموسة، مؤسساً لنمط جديد من القيادة السياسية يقوم على القرب من الناس، والتمثيل الحقيقي لتنوعهم الثقافي والاجتماعي. ومن ثمّ، يمكن اعتبار تجربته نموذجاً لصيغة جديدة من الديمقراطية التفاعلية التي يشارك فيها المواطن، لا كمُتلقٍّ، بل كفاعلٍ أساسي في صناعة القرار.