أعابت الجماهير الأوروبية الشغوفة بكرة القدم تنامي ظاهرة العنصرية، و عادت بالتالي للأذهان سوق النخاسة في العصور الوسطى حيث بات اللاعب ذو البشرة السوداء يعيّر بلون بشرته و أصبح اللاتينيون يرمى لهم بالموز و أيضا اللاعبين الأتراك يقذفون بقطع الخبز و كلها إشارات مبّطنة تخرج من أفواه بديئة تحركها عقول بائسة .
و بقدر ما أصبحت العنصرية محل احتقار بحد ذاتها في القارة العجوز، قام مسيرو الكرة في أوروبا بإدخال هذا البعبع إلى المختبر، و تم تشريحه و خرج المختصون من مدربين و لاعبين قدامى و حتى علماء النفس و الاجتماع بقرارات ردعية يمكن أن تقضي على الظاهرة من جذورها، حيث أجمع الإيطاليون على إيقاف المباراة مهما كانت أهميتها في دقيقتها في حالة صدور عبارات الاستهجان العنصرية، و في ألمانيا خرج المختصون بعد حملات تحسيسية بإشراك الجماهير المحبة للكرة كي تكون طرفا في معادلة الكشف عن كل مشجع يشجع العنصرية، و بالتالي منعه من ولوج المدرجات لفترات متفاوتة قد تصل حتى مدى الحياة.
و بعيدا عن القوانين الردعية، دخل اللاعبون أنفسهم في الخط حيث احتضنوا من وصلتهم سهام العنصرية، فمنهم من قضم معهم الموزة التي رميت لهم و منهم أكل من نفس الخبز الذي قذفوا به و حتى وصل بالبعض لتقليد القرود تضامنا مع أصحابهم و هنا انتصرت كرة القدم و كانت سيدة الموقف و راعية للأخلاق كما أريد لها، و بالتالي انهزمت العنصرية الشيطانية مثلما سبق و أن انهزمت على يد نيلسون مانديلا و مالكوم إيكس و مارتن لوثر كينغ دون نسيان المايسترو المرحوم محمد علي كلاي الذي أسقطها بالضربة القاضية فيا ليت متتبعي اللعبة الأكثر شعبية يركّزون على ما تجود به الأقدام لا ما تعكسه البشرة أو البقعة الجغرافية.