بعد وفاة لاعب مولودية سعيدة المرحوم “سفيان لوكار” في ميدان ملعب “الحبيب بوعقل” بات لزاما علينا كإعلاميين التذكير بأهمية الفحص الطبي الصارم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح التي باتت تتساقط كالذباب فوق الميادين الكروية حيث أصبح الموت المفاجيء يشكل مصدر قلق للاعبين الذين يمارسون رياضة كرة القدم في مختلف بلدان العالم، ويعد هذا الهاجس أبرز ما يحير الأطباء والمتخصصين،في الوقت الذي يشهد زيادة نسبة وفاة لاعبي الكرة داخل المستطيل الأخضر،حيث تشهد الملاعب العالمية والعربية تفشي هذه الظاهرة بشكل يثير التساؤلات، ما حدا بالاتحاد الدولي لكرة القدم مطالبة الدول الأعضاء بإجراء فحوصات دقيقة على قلوب اللاعبين،من أجل التأكد من سلامتهم وقدرتهم على ممارسة الرياضة بشكل طبيعي.
اللاعب التونسي الهادي برخيصة
وهناك العديد من الأمثلة، حيث شهد الموسم الرياضي 1990 في انجلترا وفاة اللاعب الإنجليزي (داف لونجهارست) خلال إحدى مباريات فريقه في دوري المحترفين، أيضاً تكرر المشهد في القارة الأفريقية بعد وفاة اللاعب الزامبي (تشاسوي نسوفوا) بشكل مفاجئ أثناء سير تدريبات الفريق، كذلك وفاة اللاعب الكاميروني (مارك فيفان فويه) الذي يبلغ من العمر 28 عاماً، والذي توفي أثناء تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة حدثت خلال مباراة منتخب بلاده أمام المنتخب الكولومبي في بطولة العالم للقارات، التي أقيمت في فرنسا 2002
وامتدت القائمة لتشمل عدداً من الأسماء الكروية على خارطة كرة القدم العربية، لعل أهمها وفاة نجم كرة القدم التونسية وفريق الترجي الهادي بن رخيصة، أيضاً الملاعب المصرية شهدت العديد من الأحداث المماثلة؛ أهمها وفاة اللاعب المصري محمد عبدالوهاب، وقبله شريف عكاشة وحامد سويدان وإسماعيل محمد وغيرهم، كذلك شهدت ملاعب كرة القدم في السعودية تعرض عدد من اللاعبين إلى حالة إغماء أثناء سير المباريات، التي أنقذتها القدرة الإلهية ولم تصل إلى حد الموت، لكنها كانت جرس إنذار مبكر، شَكَّل المزيد من القلق للمهتمين بالشأن الرياضي، وخلال مباراة يوم أمس في الدرجة الثانية الجزائرية شهد ملعب “الحبيب بوعقل ” بوهران -غرب الجزائر- آخر هذه الحالات بعد أن إصطدم لاعب مولودية سعيدة بحارس فريقه و فقد الوعي بعدها ليفارق الحياة بطريقة مأساوية.
المرحوم سفيان لوكار
والسؤال الذي يطرح من خلال تسليط الضوء على الكثير من الحالات التي شهدتها الملاعب العالمية والعربية؛ هل بات الموت المفاجئ للاعبي كرة القدم يشكل ظاهرة؟ وهل هناك إحصاءات ودراسات دقيقة رصدت هذه الظاهرة بشكل علمي، حسب ما يراه الأطباء المتخصصون في أمراض القلب؟ ومدى علاقة هذه الحالات بالإجهاد الذي يتعرض له اللاعب أثناء المباريات أو التمارين؟ وهل هناك إمكانية لتجنب الحوادث المؤلمة التي جعلت من الملاعب الكروية مصدراً للمآسي والأحزان؟ وهل هناك دور للفحص الطبي الشامل و خاصة فحص القلب؟ وهل من شأن الإجراءات الطبية والاحتياطات المتخذة التقليل من هذه الحوادث إذا لم يكن هناك أمل في الحد منها؟.
القلب أولاً وأخيرا
التهاب عضلة القلب أحد أعراض الموت المفاجئ
أرجع الأخصائيون في أمراض القلب حالات الوفاة المفاجئة لدى اللاعبين إلى السكتة القلبية التي تعرف بأنها الموت دون التعرض للإصابة، وأكد معظمهم من أجل تفادي هذه الحالة المؤلمة على اللاعبين و مسؤولي الأندية خصوصا إجراء فحوصات طبية شاملة قبل السماح لأي شخص بممارسة الرياضة بأنواعها المختلفة، وطالب المختصون بوجود قاعدة بيانات توضح الملابسات الصحية لتلك الحالات حتى يمكن دراستها والإستفادة منها في الملاعب الرياضية، حيث أن أكبر دراسة متوفرة تقدر حدوث هذه الحالة %1 في كل عام.
وتعدّ ” احتشاء عضلة القلب التضخمي ” أهم أسباب الوفاة المفاجئة نتيجة السكتات القلبية وأكثرها شيوعاً بنسبة %36، وهو ” خلل صباغي يتميز بتضخم البطين الأيسر، عادة ما يصيب الحاجز البطيني”، و كما،تنحصر أعراضه بألم في الصدر عند بذل مجهود بدني، وصعوبة في التنفس أو شعور بالإغماء، وهذا ما يفسر حدوثها في ملاعب كرة القدم بصورة أكبر نتيجة الجهد الكبير الذي تحتاجه هذه الرياضة، إلا أن أكثر اللاعبين المصابين بالمرض لا يشعرون بتلك الأعراض حتى حين لحظة الوفاة، ومن الأسباب الأخرى التي يذكرها الأخصائيون للوفاة المفاجئة “تضخم البطين الأيسر ” بشكل يفوق حدود التضخم الفيزيولوجي لقلب اللاعب، وأسبابه لا زالت غير معروفة إلا أن نسبة حدوثه بلغت %10-9 من الحالات، ويأتي بعد ذلك في نسبة الحدوث داخل الملاعب أمراض الشرايين التاجية الخلقية (من 17إلى %19 )،كما أن هناك أربعة أمراض أخرى تتدخل في سبب الوفاة المفاجئ داخل الملاعب الرياضية وهي :
1ـ التهاب عضلة القلب واعتلال عضلة القلب التوسعي وعادة يحدث بسبب الالتهاب الفيروسي.
2ـ خلل تنسج البطين الأيمن اللانتظامي.
3ـ ضيق الصمام الأبهري والذي قد يكون خلقياً أي صمام ذي شرفتين أو يكون نتيجة مرض قلب روماتيزمي.
4ـ تغيرات غير طبيعية في القلب وتشمل عدم الانتظام المتسارع وعدم الانتظام البطيء.