لم يكن الكثيرون في العالم العربي والإسلامي يعرفون حبيب نور محمدوف، وربما لم يكن الكثيرون منهم يتابعون رياضة “الفنون القتالية المختلطة”، قبل المنازلة التي جمعت البطل الداغستاني بمنافسه الأيرلندي، كونور ماكغريغور في أكتوبر من عام2018 و ما زاد من اهتمام الجماهير العربية و الإسلامية بهذا المصارع هو قضائه على المصارع الأمريكي في دولة الإمارات بحركة إخضاع خنق أسطورية تعرض لها غريمه بوارييه, كل هذه الإنجازات إضافة إلى تبنيه مختلف القضايا التي تذود عن العالم الإسلامي لعل أبرزها قضية فلسطين جعلت من المصارع حبيب يلعب دور محمد علي آخر في حلبات النزال.
أول مسلم يفوز ببطولة العالم لليو أف سي
واشتهرت ممارسة هذه الرياضة، التي تجمع بين مختلف أساليب الرياضات القتالية، في أوروبا واليابان ثم اكتسبت سمعة واسعة وأصبح لها معجبون ومتابعون في كل العالم بفضل الأفلام السينمائية التي تبرز فنون القتال غير المسلح في الدفاع عن النفس مثل أفلام بروس لي، وجاكي تشان .
ويعد حبيب نور محمدوف، البالغ من العمر 31 عاما، أول روسي وأول مسلم يفوز بلقب بطل العالم في الفنون القتالية المختلطة في الوزن الخفيف. وأصبح بالنسبة للكثير من محبيه “أسطورة حية” في هذه الرياضة، إذ أنه لم ينهزم أبدا خلال كل مسيرته الرياضية..
فقد فاز في جميع المنازلات التي خاضها، محتفظا باللقب العالمي أمام كل من تحداه، وكان آخرهم الأمريكي، داستن بواريي، في أبو ظبي. فقد خنقه نور محمدوف وشل حركته تماما في الحلبة، فأعلن الحكم فوز “النسر الداغستاني” مرة أخرى.
وعلى الرغم من الطابع العنيف لهذه الرياضة، التي تعتمد على القوة البدنية والخفة والشجاعة، فإن المتنافسين يلتزمون فيها بالروح الرياضية العالية والاحترام المتبادل.
ظهرت هذه الروح في المنازلة الأخيرة بين نور محمدوف وبواريي، إذ تعانق المتنافسان عناقا طويلا بمجرد إعلان الحكم نهايتها بفوز “النسر الداغستاني”، واحتفاظه باللقب العالمي.
“أيقونة” رياضية
المنازلة الشهيرة، التي جمعت نور محمدوف بالأيرلندي ماكغريغور، خرجت عن المألوف، وشهدت اشتباكات بين أنصار المتنافسين وفريقيهما. وتدخل المسؤولون عن الرياضة والمنظمون، وقرروا معاقبة كل من حبيب وماكغريغور بسبب الأحداث التي تلت المنازلة.
وظهر في الصورة والد حبيب حينها ،عبد المناف الذي وافته المنية العام الفارط بسبب مضاعفات كورونا، وهو الذي كان مدربه ومدير أعماله، فأعلن أنه سيعاقب ابنه “عقابا شديدا” على أعمال الشغب التي أساءت إلى رياضة الفنون القتالية وإلى سمعته، زيادة على العقوبة الدولية التي تعرض لها ومنافسه.
لفت نور محمدوف انتباه الملايين حينها، في المؤتمر الصحفي، الذي عقده قبل المنازلة، عندما تحدث عن إيمانه بالله واعتزازه بدينه الإسلامي، وأنه يستمد قوته من عقيدته الإسلامية، كما أنه رفض تناول الخمر مع منافسه الأيرلندي.
وقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من المؤتمر الصحفي يبرز فيها نور محمدوف عقيدته، متحديا منافسه ومتوعدا إياه بالهزيمة النكراء أمام أنصاره ومؤيديه. وشاهد هذه المقاطع ملايين العرب والمسلمين الباحثين عن أي رمز للانتصار يرفع راية الإسلام ويعلي من شأنها بين الأمم مثلما كان يفعل محمد علي كلاي.
وتحول نور محمدوف إلى أيقونة في العالم الإسلامي كله عندما قال إن الاشتباكات التي حدثت بعد المنازلة سببها أن ماكغريغور” وأعضاء فريقه سبّوا الدين الإسلامي، فاضطر هو إلى الرّد عليهم بالقوة “دفاعا عن دينه “.
إستمد قوته من مصارعة الدّب
ومن بين أكثر صور الفيديو مشاهدة وانتشارا على مواقع التواصل الاجتماعي تلك التي يظهر فيها نور محمدوف طفلا في بيته يصارع دبا صغيرا جلبه له أبوه.
وتحول ذلك الطفل الداغستاني إلى مصارع جبار يقهر كل من يتحداه في حلبة الفنون القتالية المختلطة، ويتربع على العرش العالمي في هذه الرياضة الشرسة. ولا يستطيع أحد أن يقف أمامه أو ينتزع منه تاج البطولة.
وهو أيضا ما أكسبه ملايين الدولارات بفضل القوة والخّفة والشجاعة التي يتمتع بها و تقاعد عن المنافسة مبكرا و خرج غير مهزوم و هو يتوشح بحزام لقب بطولة العالم.