ما قل ودل

المؤرخ مارتين إيفانس يؤكد لجريدة المقال…. الجزائر قائدة التحرر في العالم

مارتن إيفنز يحاضر عن الجزائر في جامعة صوسيكس بإنجلترا

شارك المقال

الجزء الأخير

خلال الجزء الثاني من الحوار الذي أجرته جريدة المقال مع المؤرخ الإنجليزي “مارتن إيفانز” غاص هذا الأخير مجددا من خلال مقتطفات كتابه “الجزائر…الحرب غير المعلنة للفرنسيين” في العلبة السوداء للثورة الجزائرية و كذلك العار الذي ينسب للإستعمار الفرنسي ,  و الذي تريد فرنسا إخفاءه لدرأ جرائمها الإستعمارية , حيث إستطاع “مارتن” أن يكسر هذه القاعدة معتبرا الجزائر قائدة التحرر في العالم , و اعتمد من خلال بحوثه على دلائل و قرائن موجودة في معقل الأرشيف الفرنسي في “إيكس أون بروفونس” و استدل من خلال تأريخه على محاضر ضبطية الشرطة و الشرطة العسكرية. و استند على وثائق خطابات وزارية أماطت القناع عن الوجه الخفي للحزب الإشتراكي الذي كان يتغنى أناذاك بالحرية و العدالة و المساواة تحت ستار التعذيب و القصف الهمجي.

لحد الآن تعتبر فرنسا أرشيف مستعمراتها  من المحرّمات فما تعليقك ؟

أصدقك القول أنه لا يمكن كتابة التاريخ الجزائري أو إعادة كتابته بصفة دقيقة من دون أن نستلهم من مدّونات أرشيف “إيكس أون بروفونس” فهو يحوي تاريخ الجزائر منذ الفترة العثمانية و ربما قبل فيجب على فرنسا التحلي بالشجاعة و إرجاع لقيصر ما هو لقيصر فالتاريخ لا يرحم و التصرف الأرعن يدين صاحبه لعقود و مئات السنين.

مدفع “بابا مرزوق ” أحد الرموز التي تطالب الجزائر باسترجاعها

 

تدخل فرنسا في البلدان الإفريقية غرضه نهب الثروات لاغير

 

لا تزال فرنسا رغم انسحابها من القارة السمراء تلعب دور الشرطي و الدليل تدخلها في ساحل العاج و مالي و  إفريقيا الوسطى فما هو تفسيرك؟

هذا السؤال ينطبق أيضا على إنجلترا فالقضية هي جيوإستراتيجية بالدرجة الأولى و أيضا مسألة اقتصادية فلا يمكن أن تقول فرنسا أو انجلترا أن ذلك يتمخض رغبة في استقرار تلك البلدان فهذا افتراء فالغرض هو ثروات تلك البلدان و كذا مواقعها الإستراتيجة لا غير.

 

رغم انسحاب فرنسا الرسمي من بلدان القارة السمراء منذ عقود لا تزال اللغة الفرنسية هي سيدة الموقف فهي لغة التخاطب و التفاهم لدى العديد من الأفارقة فماذا عن الإنجليزية؟

فرنسا صرفت أموال طائلة و جنّدت عمال لأجل بقاء الفرنسية اللغة السائدة في عموم إفريقيا لأن الفرنسيين لا يزالون ينتظرون من الأفارقة التبعية الروحية و هو ما ينجر عنه أغراض أخرى أضف إلى ذلك ففرنسا تخاف من المنافسة الأنجلوساكسونية إذا ما وضعنا المملكة المتحدة و الولايات المتحدة في كيس واحد فهي تسعى جاهدة على الإبقاء على عامل التبعية اللغوي.

 

الشعب الجزائري شعب ذكي لا يمكن تحريكه أو زعزعة استقراره

 

ما هي نظرتك لمصطلح الربيع العربي الذي مرّت به العديد من البلدان العربية ؟

أود أن أوّضح أمرا للتاريخ فالربيع العربي حصل بادئ الأمر في الجزائر و انظروا ماذا حدث عندما اصطدم الحابل بالنابل في العشرية الحمراء فأظن أن مساوئه أكثر من منافعه و حسب رأيي الشعب الجزائري شعب ذكي لا يمكن تحريكه أو زعزعة استقراره لأنه يعرف جيدا الأغراض من وراء ذلك .

 

إذا أردت كتابة التاريخ الجزائري مرّة أخرى على ماذا ستعتمد ؟

سأعّرج على الذاكرة الشعبية الشفهية و التقرب من كل من عايش و ساهم في الثورة لأجل الكتابة الصحيحة علما أنه اعتمدت على تأليف كتابي الأخير على شهادات المؤرخ المجاهد محمد حربي و كذلك زينة حراق و عمر بوداود و كتبت جانبا منه استنادا إلى أرشيف الثورة الجزائرية في “إيكس أو بروفونس” حيث اعتمدت على محاضر الشرطة و مخابرات الجيش الفرنسي حينها , و أود أيضا أن أدرس كيفية كتابة التاريخ الجزائري و كيفية تدريسه منذ 1962 و مقارنة أبحاثي بثلاث دول إفريقية على أقصى تقدير.

 

أرشيف الجزائر يتواجد وراء هذه الجدران

 

سؤال آخر هو يتعلق بفترة ما قبل الإحتلال الفرنسي فهل تعلم أن الجزائر كانت قوة بحرية عظمى حيث كانت الولايات المتحدة تدفع جزية بغية عبور البحر المتوسط؟

بالطبع أعلم و قصة مدفع “بابا مرزوق ” ليست خيالية و تبقى فترة الجهاد البحري الجزائري مبهمة نظرا لطمسها من قبل الإستعمار الفرنسي لكن ينبغي إعادة كتابتها هي الأخرى عبر الغوص في المخطوطات الموجودة في تركيا لأجل محو أي لبس تاريخي فأي خبر تاريخي يتعلق ببلد ما فهو جزء من الهوية الوطنية.

 

 باعتبارك أنجلوسكسوني ما تعليقك على الجالية الجزائرية في انجلترا؟

هذا سؤال مهم ففي الماضي أي منذ ما يقارب  خمس و عشرين سنة لم يتعد عدد الجزائريين في بريطانيا ثلاثون ألف مقيم لكن مؤخرا أصبح العدد يزاحم المائة ألف و هذا الأمر أراه محمودا لأنه يسمح للجزائريين للإطلاع على الواقع الأنجلوساكسوني من أجل الإحتكاك أكثر  , للعلم أن الجامعة التي أدّرس فيها تعمل على إجراء توأمة مع نظيرتها جامعة وهران و خاصة مخبر البحث و اللغات و الحضارة و التاريخ في إفريقيا الذي يترأسه صديقي البروفيسور بلمكي بلقاسم .

 

كلمة أخيرة…

أشكر جريدة المقال الإلكترونية على هذا الحوار و أرجو أني قد وفقت على الإجابة و لو بشكل متواضع و أتمنى الرخاء لبلدكم الجزائر.

المؤرخ مارتن إيفانس يفتح قلبه لجريدة المقال… الجزائر لم يوفيها التاريخ حقها

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram