ما قل ودل

على بعد أشهر من إنطلاق الألعاب المتوسطية…وهران تحكي أسرار تاريخها للزوار

قبر فينيقي اكتشف مؤخرا في حي سيدي الهواري

شارك المقال

الجزء الثاني

دائما بصدد التعريف بتاريخ مدينة وهران الشيق الضارب في أعماق التاريخ و قصد إبراز الكنوز المعرفية التاريخية للباهية عبر الأزمان من أجل التباهي بها أمام زوّارها خصوصا و نحن على عتبة أمتار قليلة على تنظيم التظاهرة الرياضية الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط فبدون إطالة إليكم الحلقة الثانية…

أسس القرطاجيون  مدينة بموقع الأندلسيات بحيث أن الأثريين وجدوا بقايا مقبرة بونية يرجع تاريخها إلى القرنين الثالث و الثاني قبل الميلاد , كانت قبورها تحتوي على أثاث جنائزي هام معروض بمتحف وهران .

كما لا نعرف اذا كان الرومان اهتموا بوهران التي كانت مذكورة في دليل المسافر لأنطونيوس تحت اسم بورتوس ديفيني ( ميناء الآلهة ) غير أنهم احتلوا موقع الأندلسيات و اربال و بطيوة ( سان القديمة ) .

 

أثار بطيوة البونيقية

 

عثر الأثريون على كتابة لاتينية بموقع الأندلسيات يرجع تاريخها الى 250 ق.م و من بين التحف التي وجدت باربال , ريجيا الرومانية .

نذكر تمثالا مكسورا معروض بمتحف وهران , كانت بطيوة الحالية تحمل اسم بورتوس ماقنوس ( الميناء الكبير ) في العهد الروماني , فكانت أهم مدن الناحية .

و في سنة 1862 م اكتشفت بها فسيفسائين نقلتا إلى متحف وهران , الفسيفساء الأولى تحتوي على أربع لوحات تمثل منظرا من مناظر الأسطورة الكبيرية و ” ابولون المتغلب على مارسياس ” و ” لاطون المنقولة إلى ديلوس ” و ” هرقل يلقي القبض على أسد ”.

أما الفسيفساء الثانية فتمثل ” انتصار باخوس ” و بجانب الفسيفسائين عثر الأثريون ببورتوس ماقنوس على تيجان أعمدة و مصابيح و كتابات لاتينية و ميل ورأس فتاة من الرخام .

أثار بوريس ماقنيس

أسس محمد بن أبي عون و محمد بن عبدون مدينة وهران بمساعدة ملاحين أندلسيين و بموافقة فرقتين من قبيلة ازداجة كانتا تسكنان المنطقة و هما : نفزة و بنومسقن.

وقع اختيارهم على هذا الموقع لوجود شريم أمام المدينة يسمح لهم بتحميل و إنزال بضائعهم و بوجود خليج صغير بالقرب منه , حيث كانت مراكبهم مأمونة من الرياح و العاصفة هو : المرسى الكبير .

و بعد سبع سنين ,زحفت زناتة إلى وهران مطالبة أهلها بتسليم بني مسقن الذين كانوا قد استقروا بالمدينة فرفض طلبهم . فحاصروا المدينة و استطاع بنو مسقن أن يغادروها سّرا , و أن يضعوا أنفسهم تحت حماية ازداجة بينما اضطر الوهرانيون إلى التسليم نظرا لكثرة أعدائهم , فنجوا من التهلكة و فرضت عليهم  زناتة مغادرة المدينة تاركين أموالهم و ذخائرهم.

قصد سكانها تاهرت تحت قيادة محمد بن أبي عون, و وضعوا أنفسهم تحت حماية دواس الذي كان يخضع لفاطميي أفريقية .بعد ان احتلت وهران و نهبت و حرقت في السنة التالية , جمع دواس جيشا مكونا من جنود تاهرت و سكان وهران , و استطاع أن يفتح المدينة و أعيد بناؤها و وضعت تحت إمرته.

كانت مدينة وهران مدينة محّصنة من الدرجة الأولى , نظرا لموقعها الممتاز و نتيجة لذلك عرفت فترة طويلة من الاضطرابات , حيث أن فاطمي القيروان و أمويي قرطبة الذين كانوا يتنافسون في المغرب الأقصى و في المغرب الأوسط تحاربوا باستمرار لاحتلالها.

 

بقايا باب القوافل بوهران

 

و هكذا , في سنة 316هـ-928/929م احتلها محمد بن خزر , قائد قبيلة مغراوة الزناتية ,و حليف عبد الرحمن الثاني الناصر , الخليفة الأموي بقرطبة , بعدما تغلب على دواس والي تاهرت و قتله ,فولى اذ ذاك ابنه الخير على المدينة.

و بعد سنتين سقطت وهران بين أيدي الفاطميين الذين ولوا محمد بن أبي عون عليها , فلم يخدمهم هذا الأخير باخلاص و خضع للخليفة الأموي, لأن المدينة التي كان على رأسها كانت تمارس تجارة مربحة مع الأندلس , و لكن عندما سمع بوصول جيش هام تحت أمر القائد ميسور, بعث له رسلا يقدمون له خضوعه , فأبقاه ميسور في منصبه.

في سنة 954 م , تغلب يعلى بن محمد , قائد قبيلة بني يفرن , على ازداجة , بالقرب من وهران وفتح المدينة و نهبها و أحرقها و بعد سبعة أشهر , أصبح يعلى الممثل الرسمي لأمويي الأندلس. و نقل الوهرانيين الى افكان ( عين فكان حاليا بلدية تابعة لولاية معسكر) و خرب وهران.

 

عملات عربية قديمة في متحف وهران

 

و في سنة 959 م استطاع جوهر , القائد الفاطمي أن يتغلب على يعلى بمساعدة مغراوة و يفتح تاهرت و افكان و وهران , فعين الفاطميون اذ ذاك , محمد بن الخير واليا على وهران فسمى نهر وهران وادي بن الخير باسمه.

و ما لبث محمد أن خضع لأمويي قرطبة, فعوقب عقابا شديدا, حيث أرسل له الفاطميون زيري بن مناد الذي هزمه هزيمة شنعاء بالبطحاء, المدينة الهامة على الضفة اليمنى لوادي مينة.

وحسب رواية المؤرخ المعسكري أبي رأس الناصري  إذ قال في تأريخه بأن  محمد بن الخير و نهض, من وهران يجر الأمم بحذافيرها , فلما سمع بذلك زيري بن مناد , جمع الجموع التي لم يعهد مثلها الدهر الا قليلا , فلما اجتمعت عليه بدار ملكه أشير عقد عليهم ابنه بلكين , فالتقى الجمعان ببطحاء فدارت بينهم حروب لم يعد الدهر يمثلها يوما .

ثم انحل مصاف مغراوة و جموعهم و لما أيقن محمد بن الخير بهلاكه و علم أنه أحيط به مال إلى ناحية من عسكره وذبح نفسه, و انهزم قومه سائر يومهم , و بقيت عظامهم ماثلة بمصارعهم عصرا,فهلك من مغراوة بضعة عشر أميرا .

فأخذ بلكين رؤوسهم و انقلب بها إلى أبيه ظافرا ثم بعثها زيري الى إفريقية للعزيز فامتلأ العزيز سرورا, و غم لها المنتصر الأموي بقرطبة, فعلا بسبب ذلك زيري على سائر عمال المغرب.

 

على بعد أشهر من إنطلاق الألعاب المتوسطية…وهران تحكي أسرار تاريخها للزوار

يتبع

 

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram