ما قل ودل

طلحة بن عبيد الله…الشهيد ذو الخير و الجود

شارك المقال

طلحة هذا الذي لا يعرفه الكثير منّا والذي لم نقرأ عنه في مناهجنا شيئًا، حال دون وقوع أكبر جريمة كانت ستعرفها الإنسانية في التاريخ، ولمعرفة السبب الذي جعل من طلحة شهيدًا يمشي على الأرض، ينبغي عليك أن تتحول بقلبك إلى الجزيرة العربية، لتدع روحك ترافق أبا بكرٍ الصديق رضي اللَّه عنه.

وهو يلهث راكضًا كما لم يركض أحد من قبل متجهًا إلى جبل أحد محاولًا مسابقة الزمن قبل فوات الأوان، قبل أن يفقد صديق عمره وقد أحاط الكفار به من كل جانب، هناك كان رسول اللَّه في أحرج ساعة في حياته.
فلقد كان رسول اللَّه ﷺ محاصرًا من الكفار وقد عزموا على قتله، ليس حوله إلّا تسعة أبطال مسلمين سقط منهم سبعة دفاعًا عنه، ليبقى بجانبه مدافعان اثنان.
أخذ أبو بكر يسارع الخطى وأنفاسه تكاد تنقطع، ليلمح من بعيد وهو يمد ناظريه قبالة صديقه، رجلًا يتحرك كالشبح ويقاتل كالنمر دفاعاً عن رسول اللَّه ﷺ وأمامه رهط من فرسان قريش، فتُرمى على رسول اللَّه السهام فيتلقاها، وترمى عليه الرماح فيتصدى لها.
فيتمنى أبو بكر أن يكون هذا الأسد هو نفسه ذلك الذي في باله، فإذا كان هو الذي في باله فإن صاحبه لا بد أن يكون في أمان بحراسة ذلك الصنديد المغوار.
عندها قال أبو بكر في نفسه: “كن طلحة فداك أبي وأمي!. . . كن طلحة فداك أبي وأمي! ” وصدق ظن الصديق، لقد كان هذا الفدائي هو الشخص الذي تمناه، إنه طلحة ابن عبيد اللَّه!.
هناك .. كان طلحة يقاتل ببسالة ما عرفت كواسر الأرض مثلها يدافع عن رسول ﷺ بجسده وروحه ووجدانه، فقد كانت السهام تتطاير نحو الرسول ليقفز طلحة كالنمر نحو الرسول محيطًا به ليتلقى السهام بنفسه، قبل أن يرجع مرة أخرى لمقاتلة الكفار بسيفه والدماء تتصبب من كل مكان في جسده.
وفجأة. . . ينطلق سهم خارق من أعظم رام سهامٍ عرفته العرب نحو رسول اللّه ﷺ مباشرةً، فتلمح عين طلحة السهم وهو يقاتل المشركين، فيسرع كالبرق الخاطف ليسبق هذا السهم قبل أن يصل إلى أعظم إنسان خلقه اللَّه في الكون.
وبينما السهم يخترق الفضاء متوجهًا بنجاح نحو صدر الرسول وإذ بيد طلحة تمتد لتحضن السهم احتضانًا، عندها نظر رسول اللَّه ﷺ إلى يد طلحة والدماء تسيل ليقول له: “لو قلت بسم اللَّه لرفعتك الملائكة والناس ينظرون”.
وبينما رسول اللَّه ينظر إلى طلحة بشفقه وحنان، وصل أبو بكر ومعه أبو عبيدة يريدان حمايته، ليقول لهما رسول اللَّه ﷺ بحنان الوالد وهو ينظر إلى طلحة : “دونكم أخاكم فقد أوجب” عندها لم يصدق الصدِّيق عينيه! فلقد وجد أبو بكر جسد طلحة ملطخًا بالدماء حتى أخمص قدميه وبه بضع وستون جرحًا ما بين ضربة وطعنة ورمية دفاعآ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram