تستعد مدينة وهران مع اقتراب تاريخ الثامن و العشرون من شهر فبراير للإحتفال بالذكرى المائتين و الثلاثون لمعركة التحرير من الإحتلال الإسباني الذي عمّر في المدينة لمدة ثلاثة قرون من الزمان.
حيث يعتبر هذا التاريخ مجيدا بالنسبة لمدينة الباهية التي يجهل معظم سكانها باستثناء الأكاديميين أهل الإختصاص فحوى هذه الذكرى , التي تقول كتب التاريخ بأن الأعلام في مدينة “الفاتيكان” نكست و مات ال”بابا” في ذلك العهد من فرط غمه و حزنه على سقوط وهران في أيدي المسلمين مجددا .
بل أن البعض في العالم الغربي المسيحي حينها شبّه سقوطها بسقوط القسطنطينية على أيدي محمد الفاتح , لكن سقوط وهران أو استردادها من أجل أن يصح التعبير تم بمحمد آخر لكنه بالطبعة الجزائرية , إنه الباي محمد بن عثمان الكبير الذي قاد بنفسه جيشا عرمرما أقلع به من بايلك معسكر و حاصر الباهية برا و بحرا.
و لم تأخذ هذه المعركة الصبغة العسكرية فقط بل شاركت فيها جميع أطياف المجتمع حينها و من كل القرى و المداشر , لكنها عرفت بالتحديد بمعركة الطلبة أي مريدي الزوايا أو بالأحرى حفظة القرآن الكريم الذين نذروا أنفسهم قرابين للذود عن مدينة وهران رفقة الشيخ المشرفي من مازونة من أجل طرد المستعمر الإسباني الغاشم.
الذي عاث طيلة ثلاث قرون بمقدّسات وهران و أصّر على استكمال محاكم تفتيشه بقيادة الكاردينال خيمينيس , لكن هيهات القرون الثلاث زادت الوهرانيين تشّبتا بدينهم و استطاعوا بفضل حنكة و إصرار باي معسكر على استرداد المدينة و إعلان استقلالها مجددا.
لكن السؤال الذي نطرحه بثوب الإعلاميين لماذا يغيب تاريخ الباي محمد بن عثمان الكبير ؟ , الذي لا نعرف له قبرا لحد الآن حيث تشير المصادر أن هذا الباي الذي مات شهيدا عندما وضع له السّم بفعل فاعل دفن في مسجد أمر ببنائه و أمر أن يدفن فيه لا يزال قائما حتى الآن يمحاذاة شارع جبهة البحر , لكن الإسبان أصروا على تحويله بعد الإحتلال الفرنسي إلى مزرعة تربية الخنازير أكرمنا و إياكم الله نظرا للحقد الدفين للإسبان اتجاه هذا الباي المعسكري .
بالمقابل علمت “المقال” أن الشيخ الطيب المهاجي آلمه ذلك المشهد فطلب من السلطات الفرنسية في سنة 1945 -على ما أعتقد و نحن ننتظر تصحيح المعلومات- أن يسمح له باستخراج جثمان الباي الشهيد و إعادة دفنه بمقبرة “مول الدومة” الواقعة بأعالي حي الصنوبر , لكن لحد الآن يجهل موضع دفنه من أجل تكريمه على أقل مقدار.
علما أن نابوليون بونابارت و عدة قادة و أباطرة في الغرب يدفع السياح المال لأجل الولوج لمدافنهم و استذكار آثارهم حيث أن شخصيات الغرب يعلمون أن الحاضر و المستقبل يبنى بالماضي و الحديث قياس .