كانت من بين الجماجم الشريفة التي عادت لأرض الوطن بعد استلامها و إعادة دفنها بالطريقة التي تليق بها الرأس المباركة لروبين هود الجزائر بوزيان القلعي .
حياة الشهيد بلا قبر السي بوزيان بدأها ككل أقرانه في ذاك الزمان الذي ملأ جورا و ظلما حيث كان يعيش في الجزائر راعي غنم بسيط يخرج صباحا لرعي الغنم ويعود في المساء ليحلب الغنم ويأكل منه هو وأسرته .
ثم أضاف لعمله عمل الحطّاب حيث يذهب ليحتطب ويعود للسوق يبيعه ليأكل بثمنه وهكذا كانت الحياة تمضي على قدر الطعام والشراب فقط حيث ضيق الاحتلال الفرنسي على الأهالي معيشتهم لينشغل الناس بلقمة العيش وينصرفوا عن مقاومة الاحتلال وبحسب ظنهم ليس لجائع معدم أن يحمل السلاح ليقاتل .
لكن البطل الجزائري أخلف ظنهم وهدم نظريتهم وانقلب الحال من مجرد راعي غنم وحطّاب الى مناضل عظيم يخلد ذكره في التاريخ .
بدأ تغيُر حاله حين أتاه أحد الحركى يعمل في صفوف الإحتلال الفرنسي ضد وطنه وطلب من – بوزيان – ان يدفع ضرائب مبالغ فيها .
حيث كان يجلس بين أفراد أسرته حين طرق على الباب طارق ففتح الباب فوجد هذا الرجل يطلب منه الضرائب بأسلوب فج وفيه مهانة أمام أسرته، فغلى الدم في عروقه وهجم كالأسد عليه وطرحه أرضا وانهال عليه ضربا ومهانة .
وحين هدّده الرجل بالإبلاغ عن ما كان منه إلّا أن جرّده من ملابسه إلا ما يستر عورته وطاف به القرية وفضحه وأهانه أمام كل الأهالي وهو من كان يتجّبر عليهم ويتقوى بالإحتلال على بني وطنه .
ثم صعد إلى الجبل بعيدا عن أعين الإحتلال ثم بدأت ثورته التي استمرت 13 سنة كاملة .
و كان الإحتلال الفرنسي قد اغتصب الأراضي والمنازل من أصحاب الأرض وسلمها لأعوانه من الفرنسيين المحتلين وعملائه.
و كان ينزل في الليل هو ورفاقه ويدخل مزرعة أعوان الفرنسيين فيأخذ كل ما بها من غلال وزروع وطعام وآلات الزراعة وحيوانات وطيور حتى خلايا النحل و أبراج الحمام
ثم يحرق ما تبقى بما فيه المنزل وملحقاته ويترك الأرض صحراء سوداء لا تصلح لعيش المحتل بها .
حتى ضّج منه الإحتلال ووصل خبره لوزير حربية الإحتلال الذي جيّش الجيوش من العسكر والمخبرين الخونة للقبض عليه ورفاقه وفشل ولم يقع إلا بالخيانة .
وبأفعاله هذه تحّمس باقي الأهالي وبدأ الشباب في تقليده مما جعل الإحتلال يعيش 13 سنة من الجحيم هي عمر الثورة … من بين قتل ضباطه وجنوده وحرق بيوتهم وكان الجندي لا يأمن أن يمشي وحيدا أبدا في شوارع وطرقات القرى التي يسيطر عليها .
و في 17 رمضان سنة 1292 هجرية الموافق 16 اكتوبر1884 راقبه شخص اسمه أبو يوسف و إبنه عمار من منطقة دوّار أولاد يحيى وسلمّاه للإحتلال الفرنسي هو ورفاقه وتم إعدامهم بقطع الرأس بالمقصلة في نفس اليوم ودون محاكمة .
واحتفظت فرنسا بجمجمته في ما يسمى بمتحف الإنسان في باريس، إلى غاية استلامها من قبل السلطات الجزائرية هي و رؤوس أخرى شريفة لقواد الثورات الشعبية التي ثارت على المستعمر و زرعت فيه الرعب , إيذانا بحرب واسعة موسعة أرقت مضجع الفرنسيين و عجلت بطردهم و إجبارهم للعودة من حيث أتوا في أعظم ثورة في التاريخ الحديث بشهادة جميع مؤرخي العالم .