الجزء الأول
أصبحت مدينة وهران متعبة فلا يمكن لزائرها أن يصمد لساعات بسبب الفوضى المتفشية بأجزائها ومعالم اللاتجانس التي تظهر في عمرانها لزائرها من أول وهلة، سواء المهترئة منها أو المشيدة حديثا.
المدينة اليوم أصبحت مرادفة لمفهوم العشوائية التي لا تجدها في الجانب العمراني فقط بل في التصرفات الفردية والجماعية وفي طريقة العيش وحتى الكلام.
وهران أطلق عليها لقب الباهية ، اكتُشف فيها آثارٌ تدل على عصور ما قبل التاريخ، في الألفية الأولى في عصر حكم الفينيقيين للمدينة اختاروا خليج مداغ الصغير الواقع في الجهة الغربية من وهران لإنشاء محطتهم التجارية.
كما قدم للمدينة في عهدهم أوائل اليهود واستقروا فيها، وفي حكم الرومان اختاروا موقع المرسى الكبير الذي يقع في الجهة الشرقية من بطيوة محطة لهم، وفي القرن الثاني الميلادي شهدت المدينة هجرة لليهود القادمين من مصر وبرقة والمناطق المغربية، وفي القرن الرابع للميلادي قدم إليها المسيحيون. في عام 445م احتلها الوندال بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية.
وفي عام 533م خضعت لسيطرة البيزنطيين، وفي عام 541م انتشر فيها مرض الطاعون الذي عرف باسم طاعون جستنيان، وفي بداية القرن الخامس الميلادي سيطر الرستميون على المدينة، وكانوا يعانون من عدة مشاكل؛ كالنزاعات مع الفاطميين، والمشاكل الداخلية، وفي عام 645م دخلها المسلمون بعد فتحها، وعند بدء تفكك الخلافة العباسية الإسلامية قرر الأندلسيون العرب تطوير المحطات التجارية على سواحل شمال أفريقيا.
تأسست وهران كمدينة في عام 902م على يد البحارة الأندلسيين كمحمد بن عبدون، ومحمد بن أبي عون. بعد تأسيس المدينة أصبحت محل نزاع بين الفاطميين وأمراء قرطبة الأمويين، واستمر الصراع حولها من عام 910م حتى عام 1082م، وكانت تخضع مرة لسيطرة أمراء قرطبة، ومرة لسيطرة الفاطميين.
وهران بعد الألفية الأولى في عام 1077م سقطت وهران على يد مؤسس الدولة المرابطية يوسف بن تاشفين، ودام حكمه حوالي 68 عاماً، ثم خضعت لسيطرة الموحدين في العام 1145م بعدما سيطرت عليها قوات عبد المؤمن بن علي الكومي الموحدية المنتصرة في مدينة تلمسان، وعرفت أيام حكمهم بالإزدهار والاستقرار لأكثر من قرن، حيث شيدوا فيها الموانئ، وأحواض السفن، كما تطور في عهدهم المجتمع اليهودي.
انهارت الدولة الموحدية مخلفة ورائها ثلاث سلالات حكمت المدينة، وهي: الحفصيون الذين حكموها في عام 1230م. الزيانيون الذين حكموها في عام 1235م. المرينيون الذين حكموها في عام 1258م.
في القرن الرابع عشر للميلاد أصبحت المدينة مركزاً فكرياً؛عاش فيها عدة كتّاب؛ كابن خلدون، والإدريسي، وابن خميس، وليون الإفريقي.
في عام 1493م استقبلت وهران عدداً كبيراً من اللاجئين الناصريين، بعد سقوط دولة الأندلس.
في عام 1505م رست السفن الإسبانية في ميناء المرسى الكبير، وكانت هذه الحملة أول حملة إسبانية على وهران، وسقطت بيد القوات الإسبانية بشكل كامل في عام 1509.
يتبع