ما قل ودل

مفتي أوكرانيا و قصة معن بن زائدة

في الصورة الشيخ سعيد إسماعيلوف بالبّزة العسكرية

شارك المقال

ظهر مؤخرا مفتي أوكرانيا الشيخ سعيد إسماعيلوف و هو ينزع العمامة و يلبس القبعة العسكرية إيذانا منه بأنه سيكون مقاتلا لجانب بلده في الحرب التي تدور رحاها في أقصى الشرق , و رغم أن المعني هو المعني بما يعنيه فإنه يذّكرنا بقصة معن بن زائدة أكرم العرب في زمانه بعد حاتم الطائي الذي كان في العصر الجاهلي .

تعود مجريات القصة بالضبط خلال عهد إنحطاط الدولة الأموية أي في آخر أيامها , في زمن حكم مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية الذي تم اصطياده من قبل العباسيين في إحدى قرى الفيوم بمصر عندما سقطت دولته .

معن بن زائدة هذا كان من أكرم العرب في العهد الإسلامي حتى أنه توازى في كرمه بحاتم الطائي , فكان يجير كل من ظلم و يصلح بين المتخاصمين و يبقى بلا عشاء و يؤثر  وجبته على نفسه لفائدة المساكين و اليتامى و كان إذا استجار به أحد من المظلومين يقف معه حتى يسترد مظلمته من ظالمه .

معن هذا كان محور تنافس بين خلفاء بنو أمية و بين أبناء الرضى من آل محمد الذين حملوا لواء العباسيين فيما بعد , حيث أثناء الحروب الطاحنة بين الأمويين و جيوش أبو مسلم الخراساني الذي كان من موالي بني العباس أراد كل طرف في الصراع أن يحوز على أسهم معن بن زائدة و استمالته .

لكن الأمويين كانوا السبّاقين في الإتصال بمعن بن زائدة و كعادته أعطى الكلمة لأحفاد هند بنت عتبة و أتباع معاوية , و اصطف لجانبهم فعاهدهم على أنه سيكون له ما لهم و عليه ما عليهم , و مع اتصال بني العباس بشخصه اعتذر عن قبول دعوتهم بلباقة بعد إكرام وفادة وفدهم كما عهده العرب .

و حين حمي الوطيس بين العباسيين و الأمويين و مالت كفّة الصراع لصالح بني العباس و حسم أمرهم بين العرب بينما تفّرق أمر بنو أمية إلى غير رجعة في مختلف الأمصار إما مأسورين أو مفصولي الرؤوس كما وعدهم بذلك أبو العباس السفاح .

وقع معن بن زائدة أسيرا مع بعض أمراء بني أمية فحصلت الحادثة الشهيرة التي قال له فيها أبو العباس السفاح “ما تظن أني فاعل بك ” , فقال له معن بن زائدة “إقضي ما أنت قاض فما عند الله خير و أبقى “. و بحكم معرفة أول خلفاء العباسيين بمكانة معن بن زائدة بين العرب حينها و كذلك مكانته في نفس الخليفة نفسه أمر بإطلاق سراحه و إرجاع كل ما سلب منه و زاده عن ذلك .

و رغم ما قام به أبو العباس لم يبايع معن بن زائدة  العباسيين و توفى و بيعة بنو أمية في عنقه كنوع من الثبات و الإبقاء على العهد ,  و السؤال الذي نطرحه نحن الآن في زماننا هذا.

هل ما زال في الوجود رجل يعكس طيف معن بن زائدة ؟ و مهما كان الجواب فرحم الله معن بن زائدة و رحم الله مروءته التي اختبر فيها  حتى في أصعب المحن و لله في خلقه شؤون.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram