ما قل ودل

غبي كفرنسا حين احتلت الجزائر…مثل شعبي سنغالي

شارك المقال

الإعتراف سيد الأدلة كما يقال في لغة القضاء فرغم ما يشاع عن الجزائر و رغم ما يثار حولها من أقاويل إلا أن ما قامت به الجزائر من مهام نبيلة من أجل الحفاظ على أواصر الدين و الأخوة ما بين دول غرب إفريقيا و الساحل الإفريقي , لا ينكره إلا جاحد فأثناء تصفحي للشبكة العنكبوتية كعادتي وجدت شهادة لأحد الإخوة السنغاليين التي رواها بنفسه .

و يقول بكل عفوية أن سبب محافظة السنيغال على الدين الإسلامي و اللغة العربية رغم موجة المسخ التي حاولت فرنسا تسليطها على مقومات الهوية الإسلامية في هذا البلد الإفريقي يرجع بالدرجة الأولى للجزائر التي لها ضلع كبير في تحقيق ذلك و دعى لها و لعلمائها بالبركة و لنتمعن في القصة كما جاءت من أجل الأمانة العلمية .

يقول أحد الأشخاص الذي لم يكن نفسه جزائريا و الذي سرد وقائع القصة ما يلي…قابلتُ داعية سنغاليا شابا، جاء إلى أطراف أمريكا اللاتينية يدعو القبائل ضمن أحد وفود التبليغ، حكى لي حكاية غيّرت لي قناعة كانت راسخة عندي لسنوات.

لم يكن الشاب يتحدث من العربية شيئا، لكنه كان يعرف عن الإسلام أكثر مما يعرفه كثير من مسلمي الشرق، لا يعرف الإنجليزية أيضًا، يتحدث إسبانية ملوثة بالفرنسية الأم.

سألته: متى دخلتَ الإسلام؟ قال: لم أدخله ، أنا مسلم بالميلاد.. سألته: هل يوجد كثير من المسلمين في السنغال؟ رد متعجبا: السنغال كلها مسلمون، السنغال بلد مسلم كله!

سألته: كيف صمد الإسلام في تلك الأرض رغم انتشار الفرنسية لغة وثقافة؟ وكيف تقاومون التوغل الثقافي الفرنسي؟ وكيف تتواصلون مع العالم الإسلامي وتستمدون منه التراجم والعلوم الدينية؟.. أجاب دون تفكير: بلاد المغرب العربي!.

يقول الشاب إن في السنغال مثلا شعبيا يقول: غبي كفرنسا حين احتلت الجزائر.. لماذا؟ لأن الجزائريين تعلموا الفرنسية دون أن يفقدوا العربية.. فكانوا حائط صّد أمام توغل الفرنسيين على غرب أفريقيا، وصاروا الشوكة التي نغّصت على الفرنسين الإنفراد بالغرب الإفريقي، وحلقة الوصل الثقافي بين العرب والأفارقة في غرب القارة.

يقول الشاب إن أغلب المثقفين وكتّاب الصحف في السنغال ومالي والنيجر وشمال نيجيريا، الذين برزوا بعد خروج المحتل، جاءوا من موريتانيا والجزائر (والمفاجأة: تشاد، البلد الذي يتحدث العربية ولا نعرفه)، وكذلك معلمو المدارس والكتاتيب، ومعدو البرامج الدينية، والعمال الإجتماعيون، وراسمو هوية البلاد السمراء المستقلة الجديدة.

ساهم هؤلاء الوافدون العرب الناطقون بالفرنسية (ولا يزالون) في تنشئة أجيال إفريقية مُحتفظة بهويتها وانتمائها الإسلامي، وتواصلوا بسهولة مع سكان غرب أفريقيا، ورّدوا الشبهات والتشويه الفرنسي، وصمدوا أمام غزوات التبشير، وأسمعوا تلك الشعوب رواية أخرى تزاحم رواية المحتل.. كيف فعلوا هذا كله؟ ببساطة، لأنهم يتحدثون الفرنسية مع العربية.

يقول أيضًا، إنه من الشائع جدا في بلاد الغرب الإفريقي أن يرسل الآباء المقتدرون أولادهم لدراسة الدين في أحد مدارس الجزائر أو موريتانيا، بعض تلك المدارس معدة خصيصا لهذا الغرض من معلمين ودعاة.. لماذا؟ ببساطة، لأن الناس هناك يتحدثون الفرنسية مع العربية.

الأفارقة في غرب القارة لا يزالون مفتونين بنضال الجزائريين ضد فرنسا، ويرون في لسانهم العربي ودينهم الإسلامي رمزا لكسر شوكة المحتل المشترك، وانتصارا لهوية عصيّة، خليقة بالاتباع والاقتداء.. وميثاقا غليظا يجمعهم مع شركاء عصر السيادة في زمان المرابطين.

لقد هزم الجزائريون فرنسا مرتين.. مرة حين أخرجوها من بلادهم صاغرين، وأخرى حين أعادوا فتح الغرب الإفريقي، وانكبوا عليه يغسلونه من أوساخ الاحتلال، ويعيدونه إلى هويته وروحه، ويحيلون كل ما أنفقه المحتل حسرة في قلبه.. ولولا الجزائر وموريتانيا لكانت غرب إفريقيا اليوم “أندلسا” جديدة.

يقول راوي القصة منذ ذلك اليوم، توقفت عن غمز الجزائريين في فرنسيتهم، وعلمتُ أن الله حين جاور الفرنسية إلى العربية على ألسنتهم، إنما كان لحكمة وغاية.. وأننا دائما نرى في فرنسيتهم تبعية للشمال، ولا نرى فيها ريادتهم للجنوب وحمايتهم له وحفظهم لدينه وهويته.. وما يعلم جنود ربك إلا هو.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram