ضربت روسيا خلال الحرب الأخيرة أمام أوكرانيا المثل للعالم بشأن التعبئة الشعبية التي تقاسمها معها شعبها , الذي هّب مع دولته هبّة شاملة و في كل القطاعات حيث تحول الروس كلهم بقدرة قادر كل حسب ميدانه و اختصاصه لجندي إن اقتضى الأمر يذود عن أي شبر من بلاده ضد أي غزو خارجي .
فالصورة التي سوّقت للإعلام العالمي مؤخرا و التي تصّور مواطن روسي برتبة فلاح يقوم بحرث أرضه و جراره في نفس الوقت يحوي منظمة دفاع أرض جو , حيث يمكن له أن يحمي أرضه في أي وقت في حالة ما تعرضت لهجوم جوي , تلك الصورة التي طافت في مواقع التواصل الإجتماعي أعطت للعالم درسا بالغ الأهمية , و الذي مفاده أن كل الأعمال المدنية تستمر و الإنتاج لن يقل حتى مع احتدام شبح الحروب.
و في نفس الوقت يرسل الروس من خلال هذه الصورة التوضيحية لهذا الجندي المزارع أن روسيا يمكنها أن يتحول شعبها إلى جيش نظامي منّظم بكبسة زّر و كذلك المغزى من هذه الصورة أن روسيا لن تجوع و أنها مستعدة لحرب طويلة الأمد و كل ذلك كنوع من الأجوبة للناتو و العالم الغربي الذي يريد تطبيق الحصار .
و باللغة العسكرية فإن المحاصرين لروسيا عبر هذه الصورة الفوتوغرافية تكون قد وصلتهم الرسالة بأن أي إجراءات لحصار روسيا لن تجدي نفعا , فالروس رغم تهديدهم بقطع إمداداتهم من الغاز الطبيعي لن يجوعوا ما دام القمح الروسي وافر الإنتاج في هذا البلد , و لم يتأت هذا الإستنتاج لولا ما قام به الروس من تطوير لميداني الزراعة و الفلاحة و تحسين قدرات الصناعة الغذائية .
لذا لن يبقى لحل هذه الأزمة المفاجئة للعالم الغربي سوى لغة الحوار و المهادنة , فأي تهور يبدو أن روسيا لن تدفع ثمنه بالكيف الذي يريده الغرب لها , فيبدو أن روسيا من خلال سنوات الحصاد المثمر الأخيرة تكون قد استعدت لسنوات عجاف قادمة على وزن قصة سيدنا يوسف التي وردت في القرآن الكريم , فحّقا صدق الروس حين قالوا “لن يجوع من يزرع أرضه و يحسن الدفاع عنها “.