ما قل ودل

تخليدا لشخصية عبد الحميد بن باديس التاريخية…مخبر اللهجات و معالجة الكلام يحاضر في مناقب الرجل

شارك المقال

في ذكرى الثانية والثمانين لوفاة الإمام العالم بن باديس و التي تزامنت مع تاريخ ال16 أبريل من الشهر الجاري آثر مخبر اللهجات و معالجة الكلام إستذكار مناقب الرجل من خلال  ندوة علمية أخذت عنوانا لها “عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ بَادِيس عِلْمٌ وعَلَمٌ” و التي نشطتها الأستاذة الدكتورة عزاز حسنية عضو في الفرقة الأولى من المخبر , حيث تحدثت عن شخصية الرجل الفّذة الثرية فيما عرف بابن اديس بالمصلح، والشاعر ، والمفسّر.

و تقول الأستاذة عزاز أن الرجل فخر الجزائر  و قد نشأ في أسرة عريقة معروفة بالوجاهة والتديّن، فأبوه محمد المصطفى بن باديس كان حافظا للقرآن ومن أعيان المدينة، واشتغل قاضيا وعضوا في المجلس الجزائري الأعلى، ومن رجال أسرته المشهورين المعز بن باديس الذي أعلن انفصال الدولة الصنهاجية عن الدولة الفاطمية وأعلن فيها مذهب أهل السنة والجماعة.

تلقى ابن باديس تعليمه على الطريقة التقليدية بداية من 1903، ولم يلحقه والده بالمدرسة الفرنسية، فحفظ القرآن الكريم على يد “الشيخ محمد المدَّاسي” أشهر مقرئ بقسنطينة ولمَّأ يبلغ الثالثة عشر(13) من عمره، وكان شيخه معجبا به إعجابا كبيراً نظراً لذكائه واستقامة خلقه وسيرته الطيبة ، ولذلك قدَّمه لإمامة المصلِّين في صلاة التراويح لمدَّة ثلاث سنوات متوالية في الجامع الكبير بمدينة قسنطينة .

ثُمَّ انتقل إلى شيخ آخر ليعلّمه مبادئ العربية والعلوم الشرعية وهو “الشيخ حمدان الونيسي” أحد أعلام قسنطينة، لزم الغلام الموهوب شيخه الحكيم مدّة ست سنوات في مسجد سيدي محمد النَّجَّار , وفي عام 1908 انتقل إلى تونس والتحق بجامع الزيتونة، وهناك أكمل تعليمه على يد صفوة من العلماء مثل: العلامة محمد النخلي القيرواني، و الإمام الجليل محمد الطاهر بن عاشور، ومحمد الخضر بن حسين وغيرهم.

وفي عام 1911 نال شهادة “التطويع العالمية” وكان ترتيبه الأول، وظل يتابع دراسته بتونس لمدة عام ليعود بعد ذلك للجزائر، وبمسقط رأسه قسنطينة باشر في الجامع الكبير إلقاء سلسلة من الدروس حول كتاب “الشفا” للقاضي عياض، وبقرار من الإدارة الفرنسية تم منعه من مواصلة الدروس.

أدى فريضة الحج عام 1913 ، واستقر بالمدينة المنورة دامت مدتها ثلاثة أشهر التقى فيها بالشيخ البشير الإبراهيمي وتدارسا معا حال الأمة الجزائرية،كما التقى بشيخه حمدان الونيسي وبمجموعة من كبار العلماء، وفي حضرتهم ألقى درسا بالحرم النبوي، وفي طريق عودته للجزائر، عرّج على مصر والتقى بكبار علمائها، فأجازوه في نشر العلوم الدينية المختلفة.

عاد بن باديس إلى أرض الوطن وكله عزم على التغيير ونشر العلم وإصلاح حال الأمة حيث تحصل على رخصة للتدريس بالجامع الأخضر وبالجامع العالي سيدي قموش، ومن هنا بدأ العمل بتفان وإخلاص بداية من الدروس المسجدية والدروس العلمية، وتأسيس المدارس والمساجد الحرة.

وقد أولى بن باديس التربية والتعليم اهتماما بالغا في نشاطه الإصلاحي، وتوج ذلك بتأسيس مكتب للتعليم الابتدائي العربي عام 1926 انبثقت عنه في عام 1930 مدرسة جمعية التربية والتعليم الإسلامية، وهي الجمعية التي أصبح لها نحو 170 فرعا في مختلف مناطق الجزائر.

واستعمل الصحافة لنشر فكره الإصلاحي من خلال إصدار جريدة المنتقد عام 1925، التي تولى رئاسة تحريرها، ثم جريدة الشهاب في السنة نفسها. ولعلّ أم نشاط قام به تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين رفقة 72 عالما من شتى الاتجاهات الدينية سنة(1931) وانتخب رئيسا لها، وجعل شعارها “الإسلام ديننا، العربية لغتنا، الجزائر وطننا”.

أسهم بمواقفه وآرائه في إثراء الفكر السياسي بالحديث عن قضايا الأمة، ففي عام 1936 دعا لعقد مؤتمر إسلامي بالجزائر لإفشال فكرة اندماج الجزائر مع فرنسا، كما شارك ضمن وفد المؤتمر الإسلامي المنعقد بباريس في جويلية 1936. حاور لجنة البحث في البرلمان الفرنسي في أبريل 1937، ودعا النواب لمقاطعة المجالس النيابية في شهر أوت سنة 1937.

و تضيف دائما الأستاذة عزاز أنه مثلما يعرف عن الرجل فلقد كان شاعرا حيث خُلِّدَ شعر بن باديس بالقصيدة الرائعة، و التي غدت النشيد الوطني الثاني، اشتهرت بـ (شعب الجزائر مسلم) وتتكون من 40 بيتا، بينما تسميتها الأصلية “ذكرى المولد”،هذه القصيدة التي تم إلقاؤها لأول مرة في حفلة المولد النبوي الشريف في ربيع الثاني 1356 الموافق لشهر جوان 1937 بمدينة قسنطينة.

وقد ذكره الأستاذ الدكتور عبد المالك مرتاض في كتابه ( معجم الشعراء الجزائرين في القرن العشرين ) و خصّ القصيدة بالدراسة المعمقة، في قوله :”و لو لم نُدْرجه ضمن المائة شاعر وشاعر، و هو العدد الذي احتوى عليه هذا الكتاب من الشعراء الجزائريين لكُنَّا كأنَّما لم نفعل شيئا، ذلك بأنّا نعتقد أنّ ابن باديس أشعر شاعر كتب شعرا في الجزائر ،و الله فعّال لما يريد؟.

وتناولت الأستاذة المحاضرة في الندوة السيدة عزاز حسنية التي تحدثت عن بيوغرافيا إبن باديس عدة جوانب من حياة الشيخ العلامة المصلح والمرشد والمصلح، الواعظ، الكاتب والشاعر، الفقيه والمفسر، ونوه الحضور في المناقشة بضرورة الرجوع إلى الرجل وتوجيه الطلبة في مختلف التخصصات للإفادة مما قدمه، على غرار البروفيسور عبد الكريم العوفي من جامعة باتنة1، والدكتورة حفيظة آيت مختار عضو في المخبر من جامعة البويرة، والدكتور كمال عمامرة، والدكتورة عائشة دوبالة، وطالب الدكتوراه سلمان حمداش وإبراهيم يحي، وجميعهم أعضاء بالمخبر.

فيديو نادر جدا للشيخ بن باديس رحمه الله في افتتاح دار الحديث بتلمسان

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram