على أنغام “من زينو نهار اليوم…صّح عيدكم” تستعد الجزائر و الأمة الإسلامية و العربية في مشارق الأرض و مغاربها للإحتفال بتوديع شهر الصيام و القيام , و استقبال أول أيام عيد الفطر المبارك نرجو أن يعيده الله على أمتنا باليمن و البركات , إلى هنا يبقى حديثنا كلاسيكيا يعاد مع بزوغ فجر كل عيد .
لكن السؤال المطروح من قبل إبني الصغير و أنا أهّم بالعودة بالسيارة نحو البيت بعد يوم شاق عقب المنظر الذي شاهدناه من خلال الإنتشار الرهيب لأطفال الرعايا الأفارقة و نظراؤهم السوريون الذين يطلبون الصدقة في ملتقيات الطرق , حيث قال لي الطفل بالبراءة التي اكتسبها من رب العالمين لماذا لا يعود هؤلاء لبلدانهم و يحيون العيد بجوار أهاليهم فرحين .
عندها تعلثمت في الكلام و لم أدر ما الجواب فماذا عساني أقول لهذا الطفل البريئ فهو لا يعرف معنى كلمة “ناتو” , التي أدخلت سوريا و شعبها في حرب أرادت أن تكسر شوكة حاكمها كما فعلت بصدام حسين و معمر القذافي و غيرهم كثيرون لذا أعرضت عن الإجابة بالنسبة لقضية السوريين الأشقاء .
و هممت للإجابة عن قضية الرعايا الأفارقة فعرفت أن الصبي أيضا لن يدرك فهم سطوة الفرنسيين على دول الساحل و نهب الثروات و سياسة التفقير و التجهيل التي لا تزال قائمة لحد الآن في البلدان الإفريقية , فعندها وعدت الطفل أن مقام هؤلاء سوف ينتهي مع بناء دولهم التي تكّسرت بسبب الرياح العاتية و هم ضيوف لدينا حتى تعود ديارهم إلى سابق عهدها .
و حتى و إن إنطلت الحيلة على الصبي فحتما سيعرف الحقيقة يوما و حينها يعرف أن الأباء أخفوا الحقيقة على الأبناء , لكي يعيشوا طفولتهم بكل براءة و يديروا ظهورهم لما يحدث في العالم جرّاء الظلم و الإستعباد و القهر الذي يمارسه الأقوياء على الضعفاء , فمن فلسطين الأبية التي لا تزال تشكو جراحا خفية إلى الشعب الصحراوي الذي يحلم بوطن سرق منه بقوة الحديد و النار و أريد له قهرا أن يصبح مرادفا لجيش عبيد البخاري إلى إخواننا في الصومال و ميانمار و غيرهم كثيرون .
لكن قهر الأوغاد لن يستمر مثلما تمليه سنّة الحياة فمقياسا لبيت أبي القاسم الشابي فإنه إذا أراد الشعب يوما الحياة فلا بد أن يستجيب القدر , لأنه بصراحة مللنا من إخفاء الحقائق على أطفالنا , فيا عيد نرجو منك من الآن فصاعدا أن تجلب لنا الجديد لكي نفقه الإجابة عن سؤال “و إذا اللاجؤون سئلوا بأي ذنب هجّروا ” .