صدق من قال بأن التاريخ يعيد نفسه و أن مراحله رغم تشعبها إلا أن نهاياتها دائما تكون واحدة موحدة , و هذا الكلام ينطبق على مرتزق مغربي ألقي عليه القبض في ساحة المعارك إلى جانب القوات الأوكرانية في إقليم دونيتسك المتنازع عليه .
و أثارت حينها هذه العملية النوعية الإستغراب من لدن الروس الذين تساءلوا ما دخل شخص مغربي يقطن على بعد آلاف الكيلوميترات من موطن النزاع لكي يتخذ موقفا على أرض المعركة , و أثار موقف المغربي أيضا استهجان بني عمومته الذين طالبوا بوتين بالعفو عنه عبر تعليقات أصحاب العالم الإفتراضي وجهت لأصحاب القرار الروس , خصوصا عندما أعلن القائمون على إقليم دونيتسك إعدام المدعو سعدون إبراهيم .
المرتزق المغربي طالته عبر تصرفه الذي يحاسب نفسه عليه تعليقات التهّكم و السخرية دائما في العالم الإفتراضي , حيث طرح البعض أسئلة عن أنه كان ينبغي عليه تحرير سبتة و مليلية من التواجد الإسباني قبل أن يفكر في تحرير أوكرانيا , فهو بحق ينطبق عليه المثل الشعبي الشهير في شمال إفريقيا ” خّلت راجلها ممدود و راحت تعّزي في محمود ” .
حكاية سعدون إبراهيم تذّكرنا بقصة عبيد الله إبن الأحمر آخر سلاطين غرناطة و الذي سلم مفاتيحها للملكين الكاثوليكيين فيرناندو و إيزابيلا منهيا بذلك ثمانية قرون من التواجد العربي المسلم في شبه الجزيرة الأيبيرية .
و لم يكتف إبن الأحمر بتوقيعه معاهدة الذّل و الهوان التي بدأت بعدها معركة تنصير الموريسكيين و محاكم التفتيش , بل راح يقف إلى جانب السعديين في معركتهم ضد الوطّاسيين و مات في تلك المعارك حيث قيل عنه بأنه فقد حياته في حرب لا تخّصه و كان الأجدر به الإستشهاد على أرض غرناطة .
و لم يذكره التاريخ بعدها و لحد الآن قبره في نواحي مدينة الرباط المغربية بات ملجأ للمنحرفين و ترمى فيه القاذورات , و كأنه ينال الذّل و الهوان حتى و هو في الدار الآخرة , و هذا ما يقع لكل من باع قضية وطنه لفائدة وطن ليس له فيه لا ناقة و لا جمل فما أشبه اليوم بالبارحة و الحديث قياس ….