ما قل ودل

231 سنة تمر على تحرير وهران…ذكرى , دروس و عبر

شارك المقال

بتاريخ 27 فبراير 2023 تكون قد مرت 231 سنة على تحرير وهران من الإحتلال الإسباني حدث ذكرى تحرير وهران والمرسى الكبير من الاحتلال الإسباني نحييه كل سنة ، ويظل اهتمامنا منصبا على دراسة الحدث ومقاربته بالطريقة التقليدية، أي التاريخ الحدثي،لا شيء تقريبا.

فمنذ فترة والباحثون الجزائريون وغيرهم يحلّلون المصادر المحلية والأجنبية، وقد أحاطوا بالحدث وجيئياته وتناولوا ظروفه وملابساته،حيث تناوله أبي راس الناصري المعسكري بالتفصيل في تأليفه : “عجائب الأسفار ولطائف الأخبار” بحثًا حول تحرير مدينتي وهران والمرسى الكبير سنة 1792، قضايا الحصار والمواجهات العسكرية والرباطات والمفاوضات ثم الجلاء، بطريقة مغايرة تركز على التماثلات الاجتماعية أكثر مما تهتم بالحدث السياسي.

مثل هذا البعد الرمزي لا يزال منقوصا في جزء كبير من البحث التاريخي في الجزائر، فإذا تمكنا من الوصول إلى فك روابطه المعقدة، عبر دراسات جديدة تؤرخ للذهنيات، لدخلنا في أعماق المجتمعات. ألا يهدف علم التاريخ إلى تصوير الأحداث كما عايشها الناس وشعروا بها ؟.

الباي محمد بن عثمان فرض حصارا على الحامية العسكرية الإسبانية في وهران والمرسى الكبير والتي بدأها بالرباطات والمواجهات العسكرية بعد الزلزال الذي أصاب المدينة في أكتوبر 1790 وفشل نتيجة وصول الإمداد الإسباني والخلل في خطة الحصار.

ثم عاد الباي محمد الكبير إلى معسكر لوضع خطة عسكرية جديدة وإعداد الجيش وتزويده بالمدافع التي أتى بها من جبل طارق، ثم تنقلّه من جديد إلى وهران لإحكام حصارها الأخير إلى أن وافق الإسبان على الجلاء. وتم توقيع الصلح سنة 1785 دون تسوية مسألة وهران.

وبقي هؤلاء يفرضون سيطرتهم المطلقة عليها، رغم محاولات بايات المنطقة المتكررة لطردهم منها، إلى غاية 1791 لما تمكن الباي محمد بن عثمان- أو الكبير- من إجبارهم على توقيع معاهدة الانسحاب الذي تم في27 فبراير عام 1792م.

وهران والمرسى الكبير، شكلا لفترة طويلة من الزمن “شوكة في حلق حكام الإيالة الجزائرية” الذين وإن تمكنوا من توحيد كل أجزاء الجزائر وإخضاعها لحكمهم، رغم وجود بعض المناطق التي تمتعت بنوع من الاستقلال الذاتي عن السلطة المركزية، فإنهم بقوا عاجزين على فعل ذلك فيما يخص هذين الثغرين.

الإنسحاب لم يكن بالأمر الهين، وإنما استغرق وقتا طويلا، ومحاولات عديدة فاشلة، اعتمد فيها الباي على كل فئات المجتمع، فإلى جانب القوات الرسمية، أشرك سكان المنطقة المحيطة بالمدينة والطلبة لفرض حصار طويل الأمد، هدفه تضييق الخناق على الإسبان المتحصنين وراء أسوارها ومنع تحقيق حركاتهم في المنطقة.

وخلاصة القول أن فتح وهران لم يكن على يدّ الباي محمد الكبير حدثا عاديا، لأنه ترك صدى عميقا في المخيلة الاجتماعية لساكنة الغرب الجزائري وساكنة بلاد المغرب الكبير عامة.
ودعا قاضي الجزائر محمد بن عبد المؤمن الداي محمد بكداش قائلا: “نادتك وهران فلب نداها وانزل بها لا تقصدن سواها”.

وقد سبقه الشيخ محمد القوجبلي من علماء القرن 17 سنة 1656 م حين خاطب الباشا أحمد خوجة قائلا وبغربنا وهران ضرس مؤلم سهل اقتناع في اعتناء سرور
فانهض بعزمك نحوها مستندا بالله في جد و في تشمير

المراجع:
المقتطفات الأخيرة من كتاب ابي راس الناصري” عجائب الأسفار ولطائف الأخبار”
Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram