غادر يوم أمس الملاكم الأسبق الهواري قوديح الدار الفانية نحو الدار الباقية بعد مصارعته مع مرض عضال ألم به في الولايات المتحدة الأمريكية التي عاش فيها منذ بداية الستينات.
المرحوم عرف على الصعيد العالمي كونه ملاكما بطلا جاب مختلف الحلبات العالمية من باريس إلى لندن و سيدني بأستراليا مرورا بفيينا في النمسا دون نسيان البلدان الإسكندنافية التي تحدى جميع أبطالها,و انتهاءا بحلبة “ماديسون سكوار جاردن” الأمريكية أين لاقى أعتى الخصوم و تغلب عليهم فنيا و في بعض المرات بالضربة القاضية.
الهواري قوديح سبق له و أن نال بطولة الجزائر ثم لقب شمال إفريقيا و تاج بطولة فرنسا و توج بكل امتياز ببطولة أوروبا منازلا أقوى الخصوم من عيار “شارل أوميز” و “بوبي بيل” و “ساندي سادلر” و لم يسبق له و أن رفض نزال أي أسطورة في الفن النبيل.
في حوزة الملاكم المئات من المنازلات في صنف الهواة و نفس العدد في صنف الإحتراف و عدد النزالات التي خسرها يعّدون على أصابع اليد الواحدة فقط,الأمر الذي جعله يكتب اسمه في أرشيف الملاكمة العالمية بأحرف من ذهب.
يعتبر المرحوم من مواليد مدينة وهران خلال نهاية عشرينيات القرن الماضي,عرف اليتم منذ صغره و عانى مثل أقرانه من الجزائريين الفاقة و العوز و جاءت ممارسته للفن النبيل بعدما تعّلم أصوله و قواعده من الجنود الأمريكيين المنضمين لقوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية,أين خاض أولى نزالاته في ميدان “الثيران” بالباهية و عمره لا يتجاوز ال16 عاما و فاز بالأداء و النتيجة و تحصل على منحة 5 فرنكات التي عرف من خلالها أن الفن النبيل سوف يكون مصدر رزقه مستقبلا.
سافر الهواري قوديح بعد عدة منازلات نال من خلالها إعجاب المناجرة في أوروبا نحو فرنسا فتم استدعاؤه وجهة مرسيليا,و بعد عدة نزالات خاضها في وزني الديك 54 كلغ و الريشة 57 كلغ عرضت عليه منازلة من أجل بطولة فرنسا التي توج بها ليضيف بعدها اللقب الأوروبي لرصيده.
و منذ ذلك الحين صار هو و زمرة من جزائريين آخرين على غرار الهواري صبان و حسين خالفي و كذا شريف حامية يلمعون على مستوى الفن النبيل العالمي,مؤهلات قوديح الفنية سمحت له بخوض نزالات عالمية في حلبة “ماديسون سكوار جاردن” بنيويورك و أمتع من خلالها عشاق الملاكمة الأمريكيين في عدة نزالات,حيث صال و جال حاملا معه رسالة الجزائر جزائرية,أين عرف عنه حبه و تمسكه بأرض اجداده و الذود عنها خلال مشواره الإحترافي.
بعد اعتزاله الفن النبيل فضّل الإستقرار في الولايات المتحدة,و اشتغل في السفارة الجزائرية بالأمم المتحدة و لم يغادر عالم الحلبة,حيث كان صديقا لعدة ملاكمين عالميين على غرار محمد علي كلاي و جو فرازير و مارفين هاجلر و غيرهم ممن تسّيدوا على عرش الحلبة العالمية.
و اضطر الملاكم المحترف السابق الوهراني هواري قوديح أن ينسحب من عالمنا بسبب هزيمته أمام الضربات القوية لمرض عضال ألزمه الفراش لعدة سنوات في أيامه الأخيرة.
فرحم الله الفقيد و أسكنه فسيح جنانه,و من خلال هذا المقال لا يسع جريدة و قناة “المقال” و على رأسها الرئيس المدير العام لكحل محمد بوجلال سوى الإنحناء إجلالا لروح الفقيد و نعزي من خلالها أنفسنا و عائلته الصغيرة و جميع أفراد العائلة الرياضية الجزائرية -إنا لله و إنا إليه راجعون-.
لأجل أن لا يعلو علم فرنسا…شريف حامية يخسر متعمدا بطولة العالم