لا حديث في ساحة الرياضات القتالية و بالضبط اختصاص الملاكمة هاته الأيام سوى على الظاهرة “فرنسيس نغانو”,المتحدي الحالي لبطل العالم بدون منازع “تايسون فيوري” الذي لم تنحن له راية قط في ميدان الفن النبيل.
و بعيدا عن المنازلة التي ستجمع الملاكمين الكاميروني و البريطاني على تاج العرش العالمي خلال شهر سبتمبر المقبل بالمملكة العربية السعودية.
نعود لقصة الملاكم الكاميروني “فرانسيس نغانو” إبن أحد الأحياء الفقيرة بمدينة دوالا,أين ترعرع كأقرانه في عوز و فقر مدقع لكنه لم يتجه صوب المخدرات و مختلف الآفات الإجتماعية,بل جعل عضلات جسمه العملاق تخدم ببراعة في ميدان الرياضات القتالية.
فكانت بداياته في عالم الفن النبيل بالكاميرون توحي بأن هذا الضخم سيخرج منه مارد يمكنه حرق أي متحدي مستقبلا.
لكن مثلما هو معلوم فتطور الفتى و بروزه في الحلبات العالمية لم يكن ليتأتى له في مدينة دوالة الكاميرونية,فكان لأجل تحقيق حلمه مضطر لقطع الصحاري و الغابات الإستوائية لكي يصل نحو الضفة الأخرى أين استقر كمهاجر غير شرعي في مدينة باريس.
ففي البداية لم يكن نغانو يحلم بأن يعانق القفازات مجددا,بحكم وضعيته الصعبة و تواجده بدون أوراق ثبوثية, حيث كان يعيش ضمن سيارة مهترئة في شوارع باريس,لكن القدر و العمل الإنساني جعلاه يخرج من التشّرد في الشارع نحو الإنضمام إلى إحدى الجمعيات الخيرية.
فكان يعمل ضمن فريق عمل خاص بتقديم الوجبات الساخنة لنظرائه المتشردين,لكن الصدفة تلعب دوما فعلتها,فعندما شاهده أحد مدربي الملاكمة الذي كان عضوا نشطا ضمن الجمعية الخيرية و نظرا لانبهاره بقوته الجسدية,عرف أن هذا البنيان العضلي يمكن أن يأتي منه الشيئ الإيجابي.
ففتح ذات المدرب الباب على مصراعيه لنغانو,الذي طبعا أحسن دخوله فكان و أن فاز بالبطولة الفرنسية للملاكمة بسرعة البرق, لتتوالى الإنتصارات حتى إلتحف المعني الحزام الأوروبي ثم العالمي.
طموح نغانو كان كبيرا بعدها على فرنسا,و آثر الإنضمام لكسب المزيد من المال في منظمة ال”يو.أف.سي” العالمية,و مارس بشغف الرياضات المختلطة فكان فيها كالسمكة في الماء و حصد جميع الألقاب حتى بات بطل العالم في الوزن الثقيل بلا منازع.
شغفه بالرياضات المختلطة جعله عرضة لجشع منظمي هاته المباريات الذين يتعاملون مع المصارعين بمنطق الرّق,حيث يأخذ المصارع القليل من المال بينما يتمتع “دانا وايت” و جماعته بملايين أو ملايير الدولارات.
فلأول مرة يضطر هذا الكاميروني الحّر أن يتنازل عن عقده مع منظمة ال” يو.أف.سي” و يفكر في معاودة اعتلاء الحلبة العالمية,لكن هذه المرة ارتقى بنفسه نحو حلم عالي المنال,حيث تحّدى منازلة بطل العالم الإنجليزي الدبّابة “تايسون فيوري” على التاج العالمي للفن النبيل,و هو الذي لم يقف و لا أحد أمامه و يعتبر محّطم آمال الملاكمين العظماء,حيث سبق له و أن كبح جماح الأمريكي “ديونتاي وايلدر” الذي أسقطه بالضربة القاضية على دفعتين و في نزالين متتاليين على اللقب العالمي.
لذا فالعالم كله ينتظر نزال نغانو مع فيوري,الذي خصّصت لعوائده مئات الملايين من الدولارات,مما يعني أن الكاميروني إن انهزم أو فاز فسيصبح مليونيرا مشهورا,لكن ماذا إن حّقق “فرنسيس نغانو” المستحيل و فاز المتشّرد السابق بلقب بطل العالم في المملكة العربية السعودية…ذلك ما ينتظره العالم بشغف في شهر سبتمبر فحظ سعيد لإبن قارتنا “فرنسيس نغانو”.