
الحلقة الأولى
تحقيق من إنجاز الدكتور أحمد بن سعادة
ترجمة لكحل محمد
تفيد آخر الأخبار القادمة من بلد البطل الخرافي “غيوم تيل” و التي يتم من خلالها اتهام شخص وزير الدفاع الأسبق خالد نزار الذي باشر مهامه خلال العشرية السوداء التي عانت منها الجزائر من تبعات الإرهاب الأعمى,و التي يجب أن يعي الجزائريون أن تلك الإتهامات لا تقيس شخص الوزير المعني فقط,بل هي ذات طابع مبطن يتم من خلالها اتهام المؤسسة العسكرية الجزائرية برمتها.
و المتّمعن في الطرف الذي أصدر الإتهام يتعجب من الحجم المهول الذي اكتسبته هذه المنظمة الحافلة بتاريخ أسود,حيث سبق لها و أن تعاملت مع النظام النازي للرايخ الثالث,و لا تزال ذات المنظمة تسير وفق ماضيها الداكن,أين تفيد المعطيات بأنها تضم في صفوفها عناصر إسلاماوية راديكالية اقترن نشاطهم بسيلان الدماء الجزائرية خلال العشرية الحمراء,و رغم هذا الماضي العفن تستمر ذات المنظمة في الإجتهاد لأجل الإيقاع بالمؤسسة العسكرية الجزائرية التي تفطنت لشيطنة هذا البعبع و استطاعت بحنكة و ضربة معلم إيقاف حمام الدم الذي تسببت فيه هاته المنظمة و أزلامها.
و من خلال تتبع الأخبار القادمة من بلد “هيلفيتيس” اتضح أن صاحب هذا الفعل المشين ما هو إلا منظمة غير حكومية تحت تسمية “ترايل الدولية” « TRIAL International ».

فمن إذا يكون وراء هاته المنظمة التي تحمل تسمية منفوخة؟ و من المسؤول عن تمويلها؟ و من هم العناصر التي تدير دواليبها؟
و من خلال تحقيقنا الآتي سوف نعمل باجتهاد على الإجابة على معظم هذه الأسئلة المبهمة.
تساؤلات حول دور المنظمات غير الحكومية عموما و تداخل أدوارها مع المنظمات غير الحكومية ذات طابع حقوق الإنسان
حسب المختصين فإن انتشار المنظمات غير الحكومية تزامن مع صعود الحركات النيوليبيرالية خلال سنوات الثمانينات و التسعينات,حيث دفعت سياسات التقشف حينها العديد من الحكومات إلى التنازل عن دورها في مختلف القطاعات التي كان من المفترض أن تعتني بها.
وتعلق ذلك بطبيعة الحال على وجه الخصوص بمجالات الغذاء والبيئة و الصحة وحقوق الإنسان. ومع ذلك، مع مرور الوقت، تم استخدام النقطة الأخيرة بالذات بشكل كبير للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستهدفة.
و استهدفت هاته المنظمات دول الجنوب,أين أحكمت قبضتها من أجل قلب أنظمة الحكم بطريقة ذكية عبر تجنيدها لعناصر يتم تدريبها و تمويلها من أجل استخدامها لمصلحة العالم الغربي و الحلف الأطلسي على وجه التحديد.
فلهذا يمثل انتشار المنظمات غير الحكومية ذات الطابع الحقوقي الإنساني بمثابة حصان طروادة ذو طابع سياسي,يمكن استعماله وفق أجندات معينة,على سبيل المثال الجميع يتذكر رابطة حقوق الإنسان الليبية و التي عبر تقارير مغلوطة استندت إليها الأمم المتحدة مما جعل مجلس الأمن الدولي يصدر قرار رقم 1973 الذي أدى إلى تدمير ليبيا.
للإشارة أن المنظمات غير الحكومية ذات الطابع الحقوقي الإنساني يتم تمويلها من قبل العديد من المنظمات الغربية المختصة في تصدير الديموقراطية حسب زعمهم,و يتصدر هذا المشهد الجمعية الوطنية للديموقراطية “Ned” و أيضا وكالة الولايات المتحدة للتنمية “USAID” و مؤسسة المجتمع المنفتح “OSF” التي يمتلكها الميلياردير الأمريكي “جورج صوروص”,و رغم أن كل هاته المنظمات غير الحكومية هي أمريكية فالولايات المتحدة لا تملك السبق في اختلاق مثل هذه المنظمات,فهناك عدة دول غربية أخرى تملك نفس المنظمات مثلما سيأتي ذكره لاحقا.
فحسب ما كتب في موقعها الرسمي فإن “ترايل الدولية” هي منظمة غير حكومية التي تناضل من أجل عدم الإفلات من العقاب بخصوص الجرائم الدولية وتدعم الضحايا في سعيهم لتحقيق العدالة.
لكن من أجل تأهيل عمل أي منظمة غير حكومية يجب عليها أن تستوفي الشروط الخمسة التالية:
– يجب أن تكون ذات طابع خاص
– نشاطها يجب أن يكون ذو طابع غير ربحي
– هدفها يجب أن يكون للصالح العام
– يجب أن يكون تمويلها مستقلا
-يجب أن يكون نشاطها خاليا من أي تبعية سياسية
و من هاته النقاط المذكورة هل منظمة “ترايل الدولية” تخضع لمثل هذه المعايير؟,و فيما سيأتي سوف نجيب عن هذا التساؤل بالنفي.
فدائما حسب موقعهم الإلكتروني فإن ذات المنظمة يتم تمويلها من حوالي 18 جهة خاصة و مؤسساتية و يتعلق الأمر بعشر مؤسسات منها أمنيستي الدولية,ووزارات خارجية لأربعة دول “سويسرا,هولندا, بريطانيا,لوكسومبروغ”و أيضا المفوضية الأوروبية و المحافظة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان و الوكالة السويدية للتنمية و التعاون الدولي و أيضا مؤسسة تايوان من أجل الديموقراطية و حتى مدينة جنيف و إحدى ضواحيها و بلدية من تلك الضواحي.

و من خلال اطلاعنا على التقرير المالي لسنة 2022 لهاته المنظمة بتاريخ 10 ماي 2023,اتضح لدينا بأن بعض الجهات المانحة المجهولة الهوية لم يتم ذكر أسمائها في الموقع,و يتعلق الأمر بمنظمة “Open Society Foundations” و التي يتم إخفاء هويتها بالنظر إلى سمعتها غير المشرفة,و هاته ليست المرة الأولى التي تظهر فيها منظمة “ترايل الدولية” ضمن التقارير المالية ل”Open Society Foundations” فلقد أوضح التقرير الضريبي لسنة 2015 ظهورها كمستقبلة للهبات.
و تعرف منظمة “المجتمع المنفتح” التي يديرها الميلياردير “جورج صوروص” انتقاذات لاذعة من قبل جهات إعلامية نافذة,حيث سبق للصحفية “ليوندرا بيرنيشتاين” أن كتبت في أحد مقالاتها أن الوجهة الرئيسية لأموال صوروص تستخدم دوما من أجل تفكيك أنظمة الدول من خلال التعدي على سيادتها,فكل دولة حسب ذات الإعلامية تحاول مراقبة مداخيلها من ثرواتها الطبيعية أو تسعى لتطوير اقتصادها فهي تعتبر حسب المنطق الصوروصي مجتمع مغلق أو بالأحرى كل دولة ترفض نظام العولمة أي النظام الإمبريالي للتبادل الحر,فهي حتما ستكون تحت نيران المنظمات التي يديرها صوروص.
لذا فهذا الميلياردير لا يمول منظمة “ترايل الدولية” التي تناضل من أجل عدم الإفلات من العقاب بخصوص الجرائم الدولية فحسب,بل من أجل تعزيز مكانة منظمته “المجتمع المنفتح”,إضافة إلى ذلك يعمل الملياردير الأمريكي بشكل ممنهج مع الحكومة الأمريكية ويدعم سياستها الخارجية.
فغالبا ما تتقاطع نشاطات منظمته مع منظمة “NED” التي تعتبر الواجهة الشرعية لوكالة الإستخبارات الأمريكية “CIA” و في إطار هذا التعاون النشط,تورطت منظمة المجتمع المنفتح “OSF” في الثورات الملونة و من بعدها الربيع العربي.