بقلم: عرجون الباتول
أمسية شعريّة بعبق الأصالة والتاريخ والتّراث انبعثت إلينا شذيّة مبهرة من مدينة ورقلة “وارجن/ الرجل الحر” ورجالها الأحرار بمقر غرفة الصناعة والحرف، حيث نظّمت أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي وهران/ الجزائر التي تُوثّق فعاليتها تضامنًا مع غزّة، برئاسة الأستاذة الدكتور سعاد بسناسي، ومن خلال وحدة السرديّات والشّعر برئاسة الدكتورة عرجون الباتول، أمسية شعرية حضوريًا وعن بعد برئاسة وتنسيق عبد الرحمن بن شويحة، المشرف التقني على الأمسية الشعرية الدكتور إبراهيم يحيى والدكتور علي علواش.
أمسية شعرية ربطتنا بشعراء ولاية ورقلة: الشاعر بلخير دربالي (عمي بلخير). والشاعر طيب حماني. والشاعر محمد زقدو. والشاعر المير بلمير. وبحضور: الأستاذ جمال سعداوي مسؤول النشاطات الثقافية بورقلة. و الأستاذ غزول أحمد ممثّل مسرحي. والأستاذ برهان عصام ممثل مسرحي.
ومن أعضاء الأكاديمية: الدكتور إبراهيم يحيى مشرفا على البث التقني، والحضور المتابعين من أعضاء أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي كل من: د. غشير سامية، د. ساجية بوخالفي، د. فتحي بوقفطان، د. موسى إسماعيل شماخي، د. علي علوش، د. خديجة عون الله، د. عرجون باتول، د. محمد فضيل، أ.عسلي خير الدين، أ. عيساوي فاطمة، ومن الحضور: د. العيد بودة. من إليزي وآخرون عبر البث المباشر.
و قدمت الكلمة الترحيبيّة رئيسة الأكاديمية أ.د. سعاد بسناسي عضو المجلس الأعلى للغة العربية التي أشادت بالجهود المبذولة ورحّبت بالحضور وبمثل هكذا مبادرات ونشاطات تُسهم في تعزيز وتبادل الخبرات بهدف دفع العجلة الثقافية الجزائرية والحفاظ على التراث الثقافي وإبراز أصالته، ومنه الشعر الشّعبي.
وبحرف السّين الجرس القوي والنّغم الحزين قدّم الشّاعر الفاضل بلخير دربالي أو عمي بلخير إجلالا وإكبارًا قصيدة جديدة بعنوان “ذكرى تتكرّر ومصير يتقرّر” التي يطغى فيها حرف السّين على مستوى القصيدة وهو من حروف الهمس الرخوة المناسبة بموضوع طوفان الأقصى الذي أدمى القلوب وأيقظ الإحساس والحواس، فصوتُ السّين المُنبعث من قراءة عمي بلخير امتاز بصفير عالي يوحي بنفس قلقة ويدلُّ على الحُرقة المُنسجمة مع ما يُحيطُ بنا من ظُلم واستبداد “انداس، كاس، الأطراس، يرخاس، عباس، انجاس، لوراس، كياس، فراس، الراس، القرطاس…”، وجاء متن القصيدة كفسيفساء بلون ثورة نوفمبر الجزائرية وثورة فلسطين الأبيّة…
ثُمّ قدّم الأستاذ جمال سعداوي اليد البيضاء المعروف بفضائله في ميدان الثقافة لمدينة ورقلة كلمة ترحيبيّة أبدى فيها موقفه من القضيّة الفلسطينيّة التي لا تُساوم وعبّر عن مرافقته ودعمه للشُعراء لأنهم جزء من التاريخ النّضالي.
ألقى الشّاعر حمود زقدو قصيدته على غزّة العِزّة يُشهدُ فيها التاريخ ويكتب فيها للأجيال، جماعة القصيدة في متن نسقها بين المدح والهجاء:
مدحٌ موجه لدعاة الحرية المجاهدين الصابرين كقوله: “أحفاد القسّام، الأبطال، الأحرار، الجهاد، أبو عبيدة، الفارس…”.
مُقابلا لنسق الخيبة مُمثلا في هجاء تخاذل حكام العرب “أُمّة العرب، الذّل، السبات، حكام التطبيع، لا همة لا نيف، لا فيكم رجال…”.
هذا وانتهت القصيدة بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم من مدينة ورقلة ذاك المرسم.
وبفصاحة ورقلية قوية سجّل الشّاعر الطيب حماني حضوره العتيق من عُمق جزائرنا الحبيبة بقصيدة في مدح القسّام “طُوّاع الكثرة” التي امتازت بكثرة توظيف التعالقات النصية والرجوع إلى التاريخ الإسلامي من خلال شخصياته التاريخيّة “ذُريّة الفاروق، السيد خالد، أحفاد الصدّيق، علي حيدرة…”.
ونهاية القصيدة تفاؤل بإخضرار الأرض وحصد القمح ودعاء الله بجاه نبيّنا الأمجد لنُصرة الإسلام ووحدة المسلمين ثمّ الصلاة على سيدي محمد وعلى آله وصحبه العشرة.
وفي الشعر النّبطي قدّم الشّاعر المير بلمير قصيته النبطيّة التي ينقل فيها أحداث فلسطين وأحوالها إلينا فيما يُشبهُ المشاهد السرديّة ويُؤكّد على تضامن الجزائر مع فلسطين “إن قالو الجزائر قالو فلسطين”.
وبإحساس حزين قرأ الشّاعر بن شويحة قصيدته في الفصيح على فلسطين من بحر البسيط تدعو إلى استفاقة العرب من سُباتهم حتّى انقلب مدحُ المُلوك عند الشّاعر هجاءً واضحًا وصريحًا على موقفهم المُخزي وهم الذين قد شربوا الذُلَّ حتى الثّمالة.
وقد زاد هذه الجلسة جمالا تدخُّل الدكتور العيد بودة وكلمته الرزينة حول المواقف الوطنيّة التي عُرفت بها الجزائر منذ القدم “المروءة والإباء، النّصرة، التضامن…” بالإضافة إلى تدخُّل الدكتورة عرجون الباتول والدكتورة ساجية بوخالفي والدكتورة سامية غشير…
هذا وقرأ الشعراء قصائد أخرى منها قصيدة عمي بلخير التي يدعو فيها الله سبحانه وتعالى ويُناجيهِ في دُجى الليل يسألهُ الحج إلى بيت الله الحرام والطواف حول الكعبة مما زاد المجلس بركة.
وفي الختام اقترحت رئيسة الأكاديمية البروفيسور سعاد بسناسي تنظيم مهرجان حضوري في الشّعر الشعبي والملحون بالتنسيق مع مديرية الثقافة لولاية ورقلة، ودعت عمي بلخير ليكون مسك الختام خيرًا.