ما قل ودل

محكمة “لاهاي” تلحق هزيمة معنوية بالصهاينة و حلفائهم

شارك المقال

شكل قرار محكمة العدل الدولية بـ”لاهاي” الهولندية في دعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الصهيوني بتهمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، إحراجا دوليا لحلفاء تل أبيب أبرزهم واشنطن، سيما بعدما حظي بإجماع كبير و كان بمثابة قنبلة نووية ضد كل من يقف إلى جانب الصهاينة الذين وضعهم هذا الحكم النهائي في قفص الاتهام.

و يبقى تنفيذه من عدمه أمرا آخر. بيد أنه من المؤكد أن إسرائيل لا يمكنها التذرع بعد الآن بأنها دولة قانون وديمقراطية إن خرقت قرار المحكمة. و اللافت للانتباه ، أن لا أحد كان يتوقع أن تتجرأ المحكمة بإصدار هذا القرار الذي ينص على وقف العدوان العدائي و العسكري على المدنيين الفلسطينيين، وهو ما يعني بحسب الخبراء في القانون ، أن المحكمة ذهبت لأقصى المطالب و لم تسيّس قرارها وحكمت بضميرها المهني.

وتجاوبت مع مأساة أهالي غزة و خان يونس ، وكذلك مع مطالب الشعوب الحرة. و قد أدركت هذه الهيئة الدولية ، الخطورة القصوى لما يجري في غزة، الأمر الذي جعلها تصدر بإجماع قرارا لوقف الأعمال العسكرية، و أن السند القانوني للمحكمة كان دقيقا ومستقلا وموضوعيا ، فاجأ الكيان الصهيوني الذي تعوّد على التصرف على أنه دولة فوق القانون وبدون عقاب، قبل أن يأتي هذا القرار ليقلب الطاولة رأسا على عقب.

وتتفق قراءات المحللين والمختصين على أنه رغم عدم إصدار المحكمة حكما يلزم المجرمين الصهيونيين بوقف الحرب على غزة، فإن الإجراءات والتعليمات الصادرة عنها تشكل ضغطا على هذا الكيان وتقيّده، كما تضع جيشه وعملياته العسكرية تحت عين الرقيب والقانون الدولي.

و حتى الاسرائليون أنفسهم اعترفوا أن قرار محكمة لاهاي يعد بمثابة بطاقة صفراء في وجه دولتهم المزعومة ، وهو القرار الذي سيرافقهم لسنوات طويلة، وسيكون له كثير من التداعيات على إسرائيل وقياداتها السياسية والعسكرية ، التي ستتوخى الحذر مستقبلا في كل ما يتعلق بالتعامل مع الفلسطينيين، و لا يمكنها أيضا أن تفعل ما يحلو لها في قطاع غزة والضفة الغربية أو الاستمرار في الحرب والقتال بشكل عنيف.

كما أن القرار يضع الجيش الإسرائيلي أمام اختبار وتحت مجهر القانون الدولي، ويؤسس لمرحلة جدية وجديدة في التعامل الدولي مع الصهاينة بكل ما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين ، خاصة إذا ما علم أن الإجراءات في المحكمة الدولية لم تنتهِ والقرار الصادر هو البداية، ما يعني أن الاحتلال الغاشم أمام مرحلة مختلفة وجديدة بكل ما يتعلق بالإجراءات والتعامل مع سكان فلسطين والعمليات العسكرية في الضفة في و القطاع.

و في حال استمرار القتال ، فإن إسرائيل مطالبة بتقديم تقرير شهري للمحكمة بشأن الإجراءات التي قامت بها لمنع الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وتجنب استهداف المدنيين، وكذلك السماح بإدخال كافة شحنات الإغاثة الإنسانية.

وفي حال لم تلتزم ، ليس مستبعدا استصدار قرارات احترازية ضدها. و يدرك الصهاينة أيمّا إدراك أنهم خسروا المحافل الدولية القانونية والقضائية، بحيث بات عليهم أن يثبتوا أنهم لا يقومون بأي جرائم حرب، وأن إجراءاتهم العسكرية في القطاع لا تنتهك القانون الدولي، كما أن وصف إسرائيل بشبهة الإبادة الجماعية، سيرافقها طويلا، ويضعها أمام اختبارات في ظل استمرار الحرب والقتال.

و يعد اعتماد المحكمة الدولية اقتباسات لقيادات إسرائيلية خلال سير الحرب ترتبط بالإبادة الجماعية، مؤشرا خطيرا ، وسيوثقه التاريخ ويكون له تداعيات سلبية حتى بشكل شخصي على قيادات سياسية وعسكرية قد تجد نفسها مستقبلا أمام دعاوى في المحكمة الجنائية الدولية.

و إلى جانب ذلك ، فان هذه الأوامر التي أصدرتها المحكمة ، لن تكون من دون مراجعة، فقد أمهلت إسرائيل لفترة شهر لترد على التهم ، وبعد الرد ، تقوم حكومة جنوب أفريقيا بقراءته وتقديم ملاحظتها عليه وتفنيد ما يلزم تفنيده، ما يعني أن القرار وضع إسرائيل معنوياً تحت وصاية حكومة جنوب إفريقيا لمدة شهرين.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram