أصبح الظلم الذي يمارس على غزة مفضوحا من كل الجهات كذاك الثوب القصير الذي يراد به تغطية باقي الجسم و تأبى الحقيقة إلا أن تعري ما يتم التستر عليه, فإضافة إلى انتفاض عموم الشعب الأمريكي و خروجه في مسيرات مليونية لإيقاف تحالف حكومة بايدن مع الكيان الصهيوني في أجبن المعارك التي عرفها التاريخ الحديث و القديم, ها هي شرارة رفض الحرب تصل إلى أفراد الجيش الأمريكي نفسه.
فأمام السفارة الإسرائيلية بأمريكا وقف أحد الضباط الطيارين المدعو “آروون بوشنيل” الذي يخدم في سلاح الجو الأمريكي, و راح ينّدد بما يجري في غزة من جرائم ضد الإنسانية و تحامل على ما تفعله سلطات بلاده في مشاركتها للقصف من تحت الستار مثلما أوضح.
و لم يكتف ذات الضابط بإبداء رأيه المخالف لما يأتي على ألسنة مسؤولي بلاده الذين باتوا يتفننون في استعراض رفضهم لإيقاف النار على الفلسطينيين عبر قرارات الفيتو العشوائية, بل قام بما هو أسوأ حيث أحرق نفسه فداءا لغزة و هو يصرخ بأعلى صوته بأنه لن يشارك في الحرب ضد الإنسانية و لن يساهم في قتل الأطفال الرضّع و العجائز و الشيوخ, و لن ينتهج طريق من سبقوه في أفغانستان و العراق و سوريا الذين باتوا في المصحات العقلية يضربون أخماس في أسداس على ما فعلوا نادمين.
و بعد عملية الحرق التي تعرض لها ذات الطيار الذي كانت آخر كلماته بأن تحيا فلسطين حرة للأبد, غادر هذا البطل عالمنا تاركا وراءه رسالة بأن العديد من الضباط و المجّندين الأمريكيين باتوا غاضبين على سياسة بايدن اتجاه ما يجري من ظلم و تمييز عنصري و قهر و تجويع و تشريد في فلسطين.
للإشارة أن هذه ليست هي المرة الأولى التي بخرج فيها العسكر الأمريكان لإبداء رأيهم بصراحة حول رفضهم للسياسة العسكرية لبلادهم, حيث سبق و أن تلقى بايدن وابلا من الشتائم من قبل أحد الضباط الذي حمله فقدان أعز أصدقائه في سوريا و العراق خلال عمليات عسكرية لا تعني الولايات المتحدة لا من قريب و لا من بعيد حسب تعبير هؤلاء.