انطلق العّد العكسي لإستبعاد بايدن من مكانه على طريقة إزاحة “ريتشارد نيكسون” بحجة تصوير الهزيمة الأمريكية في فييتنام على انسحاب جاء تجليا لرغبة الشعب الأمريكي حينها, أين كادت أن تفلس أمريكا في تلك الحقبة سياسيا و اقتصاديا, جراء الخروج الجماهيري اليومي في أرجاء الولايات المتحدة ناهيك عن وقوف العالم بأسره إلى جانب الفييت كونغ.
فالسيناريو الذي يتم التحضير له حاليا في أمريكا مشابه لتلك الفترة, غير أن أمريكا لم تجد لحد الآن رئيس من مقاس “جورج كينيدي” الذي عوّض نيكسون في تلك الفترة, و أنسى الشعب الأمريكي في ذّل و هوان الفيتنام بإشغال الرأي العام حينها بنزال عالمي جمع الأيقونة محمد علي كلاي الذي كان معارضا شرسا لحرب فيتنام مع خصمه الكلاسيكي “جو فرازيير”.
لكن الوضع الحالي يختلف تماما عن تلك الحقبة مع عدم وجود خصم سياسي شريف لانتخابات البيت الأبيض, على وزن كينيدي الذي كان صاحب أراء عادلة على غرار تزكيته لاستقلال الجزائر في مبنى الأمم المتحدة, إلى غير ذلك من القرارات الهامة التي جعلته ضحية اغتيال ممنهج نفذته أيادي ظلت لحد الآن مجهولة لغاية في نفس يعقوب.
لذا فما يجري في أمريكا من انقلاب الرأي العام على بايدن حتى في البيت الأبيض نفسه, أين هّدد معظم العاملون فيه بالإضراب عن العمل ما لم تلق معضلة غزة حلا فوريا لها و بأوامر فوقية من الإدارة الأمريكية, يوحي بأن الأمور ستتطور في الساحة السياسية لبلد عمهم سام.
و يبدو أن أمريكا بعدما تقّزمت أمام الكيان الصهيوني, أضحت تبحث عن حل لها من هذه الأزمة, فبعدما اختبأت تحت راية التدخل الإنساني بإنزال المساعدات الغذائية جوا على مظاليم غزة, ها هي اليوم و على لسان نائبة الرئيس بايدن “كاملا هاريس” تطلب بوقف فوري لإطلاق النار من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من شرفها الذي داست عليه الغطرسة و السيطرة الصهيونية, التي لا تزال تثبت بأنها المتحّكمة في دواليب الحكم الأمريكي.
و على صعيد موازي أعلنت أكبر منظمة يسارية أمريكية المتمثلة في منظمة الاشتراكيون الديمقراطيون الأمريكيون (DCA) اصطفافها إلى جانب حملة عرب ولاية ميشيغان “قاطعوا بايدن” احتجاجاً على حرب غزة.
ويأتي هذا التأييد بعد أن أيّد أزيد من 100 ألف ناخب في ميشيغان خط “غير الملتزم” في الانتخابات التمهيدية بالولاية, حيث يواجه بايدن ضغوطًا متزايدة من الديمقراطيين لدعم وقف دائم لإطلاق النار في الصراع الدائر بغزة.