ما قل ودل

إذا الشعب الفلسطيني يوما أراد الحياة…فلا بد لثلاث بنادق أن تصنع القدر

شارك المقال

لا تزال القصيدة الشعرية الملحمية للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي تصنع المنطق الاستشرافي الثوري, و هو الذي يقول في مستهلها “إذا الشعب يوما أراد الحياة…فلا بد أن يستجيب القدر” إلى آخر بيت الذي يعّبر من خلاله أنه لا استرجاع لما أخذ بالقوة سوى باستخدام القوة.

و من هذا المنطلق و مثلما صرح به الناطق الرسمي للمقاومة الفلسطينية في غزة “أبو عبيدة” فإن الشعب الفلسطيني يسير على نفس هذا النهج الثوري, حيث ذكر أول أمس ذات المصدر خلال ظهوره المقتضب أن قصة المقاومة في غزة بدأت بثلاث بنادق “كلاشينكوف” كانت تنّفد من خلالها العمليات الفدائية ضد جحافل جيش الكيان الغاصب من خلال منطق الاستعارة ما بين الفدائيين.

و يبدو أن الروح الملحمية للمقاومة الفلسطينية التي أبت أن تبقى أبد الدهر بين الحفر و أرادت تسّلق جبال المجد و الحرية مثلما صدح في أحد أبياته دوما شاعر الثورة التونسي “أبي القاسم الشابي”, فإن البنادق الثلاث بفضل عزيمة الرجال تطورت لتصبح صواريخ طويلة المدى و قذائف الياسين 105, و باتت المقاومة تهّدد الكيان الغاصب في مغتصباته و حتى في عاصمته المزعومة تل أبيب.

و بما أن المنطق الثوري ينبع من سراج واحد, فإن ما يقوم به الفلسطينيون من استبسال و من تضحية في سبيل معركة الوعي و التحرير, سبق لإخوانهم الجزائريين أن قاموا بمثل ذلك السيناريو مع الاستدمار الفرنسي الغاصب, الذي لم يترك وسيلة لخراب الجزائر إلا و قام بها و لعل أبرز سياساته الشنيعة هي تسليطه للتجهيل و التفقير في صفوف الجزائريين.

و إذا كان إخواننا الفلسطينيون قد بدؤوا بثلاث بنادق, فإن الرعيل الأول من ثوار الجزائر انطلقوا من الفؤوس و الخناجر و بقايا سلاح الأمريكان خلال الحرب العالمية الثانية الذي قايضه المجاهدين الأوائل بعلب السجائر  مثلما صّرح بذلك معظم المؤرخين.

و عرف الجزائريون كيف يحبكون قصة ثورة مجيدة من خلال إنجازات جيش التحرير الوطني الملحمية, و التي لا تزال تدّرس فصولها في أشهر الجامعات العسكرية على الصعيد العالمي.

فما قام به الجزائريون كان بحق رد فعل على همجية الاستدمار الفرنسي الذي لم يقبل يوما بمنطق التفاوض, و عامل الجزائريين دوما باستعلاء و دونية, نتج عنها الآلاف من الضحايا جرّاء نبذه للعهود و مواثيق اللاشرف خلال المقاومات الشعبية, و كان أبرزها خيانته لوعده لإعطاء الجزائر استقلالها إن ساعدها شعبها على التحرر من نير الاستعمار النازي, و لعل قصة ال45 ألف شهيد باتت معروفة.

و عرف الجزائريون مثلما يدرك إخوانهم الفلسطينيون حاليا, أن ما أخذ بالقوة لن يسترجع إلا بالقوة, مثلما صدح بذلك الأمير عبد القادر, عندها أدرك أبناء المليون و نصف مليون شهيد أن المفاوضات يجب أن تأتي بمنطق القوة و الندّية لا الهوان و الانبطاح و التطبيع, و هو ما حدث بعد أن أذاق أشاوس الثوار مرارة الحرب في الجبال و الأحراش للعدو الفرنسي و أرّق مضجعه حتى في المدن من خلال العمل الفدائي…فحيّ الله جنود جيش التحرير و جعل الله جنده هم الغالبين في ربوع فلسطين.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram