ما قل ودل

أتحدى بالأمل و أصل بالعمل…عن المثقفين المكفوفين الجزائريين أتحدث

شارك المقال

يكتب المثقفون المكفوفون الجزائريون مع انقضاء كل يوم و بداية يوم ثاني قصصا من النجاح توزن بمكيال الذهب,  فلم تعد إعاقة البصر تثني أصحاب الهمم العالية عن معانقة التميز الدراسي حتى ما بعد التدرج و الاستحواذ على مناصب سامية في الجامعة الجزائرية.

و العينة التي استقتها جريدة “المقال” جاءت خلال الندوة الفكرية التي أشرفت عليها أكاديميية الوهراني للدراسات العلمية و التفاعل الثقافي, و التي شارك فيها صحفي الجريدة كمنسق و التي كانت موسومة ب” واقع المثقفين المكفوفين الجزائريين…الإنجازات و المنجزات” و حملت شعار “أتحدى بالأمل و أصل بالعمل”.

ذات الندوة أبان من خلالها أعضاء المنظمة الوطنية للمكفوفين الجزائريين علوا كبيرا في مستوى النقاش خاصة من الجانب الأكاديمي, كيف لا و أن المتدخلين الثلاثة وصلوا لما وصلوا إليه عبر قصص خرافية مروا من خلالها على دروب من الشوك و العراقيل و المتاريس, لكنهم لم يتخلوا عن أحلامهم التي بدؤوا يجسدونها على أرض الواقع, و يتعلق الأمر برئيس المنظمة الوطنية للمكفوفين الجزائريين السيد لحوالي محمد و كذا الأستاذ محلي محمد الذي يعتبر إماما و يحمل في جعبته ماستر في الشريعة و كذا الدكتورة بلغول مريم المختصة في علم النفس الأسري.

فقبل بداية الندوة التي جرت يوم أمس عبر تقنية التحاضر عن بعد -غوغل ميت- في المقر الولائي للمنظمة الوطنية للمكفوفين الجزائريين بوسط المدينة, لمسنا أول شيئ إيجابي لدى أصدقائنا أصحاب الهمم العالية و هو احترام المواعيد و الالتزام و الصرامة على إنجاح هاته الندوة الفكرية.

فقبل الإنطلاق في البث المباشر و التواصل مع أرمادة من الأساتذة الذين التحقوا عن بعد بالندوة الفكرية و على رأسهم الأستاذة سعاد بسناسي ,وجدنا الثلاثي المذكور جاهزا عبر تدويناتهم لكل النقاط التي ارتكزت عليها الندوة, حيث أدلى كل متدخل بدلوه.

فكانت أولى البدايات مع رئيس المنظمة الوطنية للمكفوفين السيد محمد لحوالي, الذي فاجأ متتبعي الندوة بفصاحة لسانه و سلاسة خطابه خصوصا و هو يحكي سيرته الذاتية منذ نعومة أظافره و التي اختلطت بالعامل العاطفي, أين أشار إلى كيفية تغلبه على تنّمر أقرانه, حيث استطاع أن يدوس على كل تلك المشاكل و يجعل كل ما هو سلبي يعمل لصالحه, أين استطاع أن يكمل دراسته في كافة المستويات بامتياز و توج في نهاية المطاف بشهادتي ليسانس الأولى في الإقتصاد و الثانية في الحقوق تدرج من خلالها في سلك المحاماة, كي يصبح مدافعا شرسا مثلما يقول على فئة المكفوفين الجزائريين, أين يعمل بلا ملل ودون كلل لإنصافهم على أعلى المستويات.

أما عن العينة الثانية خلال هذه الندوة المباركة فكانت من جامعة مستغانم, و التي ضربت صاحبة القصة الدكتورة بلغول مريم المختصة في علم النفس الأسري من خلال  إنجازاتها المثل على أن الإعاقة هي مجرد مخيال لا ينبغي أن يتحّجج من خلاله البعض للبقاء ضمن الصفوف الخلفية, فالحقيقة تقال أن قصة هاته الدكتورة الشابة تصلح لسيناريو مسلسل تلفزيوني ناجح, نظرا للمعاناة و تشبت الأخيرة بالأمل الذي تعلقت به حتى استطاعت أن تقفز عبر سلالم المجد إلى غاية نيلها شهادة الدكتوراه, أين أضحت أستاذة محاضرة في جامعة مستغانم.

و على غرار قصة بلغول مريم تقاسم معها السيد محلي محمد نفس التفاصيل غير أن الأخير اختار ميدان الشريعة, حيث توج مشواره الدراسي بشهادة ماستر و زاوج ذات المشوار بمشوار الإمامة, حيث أن المعني يعتبر حافظا لكتاب الله تعالى, و المثير في قصة محلي محمد أنه على غرار أقرانه بدأ مشوار الدراسة و هو في سن الثانية عشر من عمره, أين يعتبر ما أنجزه لحد الآن بمثابة خطوة نوعية و مثال ينبغي أن يحتذي به الأصحاء و أصحاب الهمم على حد سواء, خصوصا و أن المعني لن يهدأ له بال مثلما صّرح لنا حتى يتوج مشواره بشهادة الدكتوراه.

للتذكير أن هاته الندوة الفكرية تعتبر من باكورات الندوات التي أشرفت عليها أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية و التفاعل الثقافي, حيث أنهت من خلالها الأكاديمية مشوارها لهذا الموسم بعد نشاط حافل و تميز ثقافي و علمي و فكري احتضنت من خلاله الأكاديمية تحت إشراف رئيستها الأستاذة سعاد بسناسي عبر تقنية التحاضر عن بعد و الحضوري العديد من الشخصيات الثقافية  البارزة وطنيا و دوليا…في انتظار ما سيسفر عنه الموسم القادم.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram