بقلم وليد عبد الحي
بعد رصد لقوائم الاغتيالات الاسرائيلية لشخصيات قيادية في ” محور المقاومة ” الحالي أو لقيادات تاريخية لمكونات هذا المحور ، تبين لي أن عدد من اغتالتهم اسرائيل من قيادات سياسية أو عسكرية أو علمية يصل الى 122 شخصية خلال الفترة 1970 الى 2024.
وشملت جغرافية الاغتيال الشرق الأوسط وأوروبا بشكل خاص، ومن بين الذين تم اغتيالهم 13 من علماء الذرة (ايرانيون وعراقيون ومصريون).
و الملفت للنظر أن مكونات محور المقاومة لم تجر دراسات لبنية هذه الاغتيالات من زوايا التخطيط والتنفيذ والثغرات والمنفذين، أو حجم انخراط العناصر المحلية (بخاصة المعارضات السياسية العربية أو الإيرانية أو أفراد الأقليات أو ذوي الاحتياجات المادية بل وحتى المرضى النفسيين).
الملاحظة الثانية أن كل اغتيال تقوم به إسرائيل تتبعه تصريحات نارية عربية أو إيرانية بالرد “المزلزل، وقطع يد الجاني، ودفع الثمن…الخ” لكن ما يجري على أرض الميدان يشير إلى أن عدد عمليات الاغتيال لقيادات اسرائيلية لم تتجاوز 3 أبرزهم الوزير رحبعام زئيفي الذي اغتالته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 2001.
إن اغتيال اسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران وقبلها الغارة الجوية على الضاحية الجنوبية لاغتيال فؤاد شُكر مؤشر على أن هذا النهج الإسرائيلي متواصل ، وأن هشاشة الإجراءات الأمنية لدى محور المقاومة لا تزال تتيح للطرف الإسرائيلي الحركة، بل أن عدد مرات اكتشاف الخلايا أو النوايا الاسرائيلية محدود بشكل واضح عند مقارنة ما يحدث بمستويات الكشف مع ما يتم تنفيذه بنجاح.
واستقرت القاعدة في الصراع مع إسرائيل على أن إسرائيل تقتل قادة وعلماء بينما تخلو استراتيجية الطرف الآخر من هذا الجانب الذي يمكن أن يكون له آثار اقتصادية وسياسية وعسكرية ونفسية، فحصار الحوثيين للبحر الأحمر أعطى نتائج أفضل من أي قرار عربي في مواجهة اسرائيل.
فلماذا إذا تتجنب إيران والمقاومة متابعة علماء اسرائيل كما تتابع هي علماء العالم العربي والإسلامي، فهل في ذلك من حكمة؟.
لقد بدأت اسرائيل بقتل العلماء منذ 1967 باغتيال العلماء المصريين في مجال الذرة مثل سمير نجيب و يحيى المشد(1980)ونبيل فليفل(فلسطيني 1984) واللبناني رمال حسن رمال(1991) وابراهيم الظاهري(عراقي 2004)، ومحمد الزواري(تونسي 2016).
أما ايران فتم قتل علمائها بموجات بدأت عام 2010 بقتل ثلاثة علماء (مسعود محمدي، و محمد شهرياري، وفريدون عباسي) وفي 2012 (مصطفى روشان ،وداريوش رضائي، وحسن مقدم) وكان آخر ضحايا قائمة علماء الذرة من ايران محسن فخري رضائي (2020)، أما الأدباء والمفكرون فهم أيضا ضمن ضحايا الاغتيال( من غسان كنفاني إلى جمال حمدان بل لا أستبعد أن يكون حامد ربيع من ضمنهم..الخ).
والآن من حقي ان أتساءل: هل يعقل أن الحرس الثوري لم يقدم حتى الآن تقريرا واضحا وموجزا عن ما حدث في الوقت الذي يتحدث بيان حركة حماس عن “غارة”، وهل صمتُ حزب الله عن ما حدث في الضاحية هو صمت الصدمة أم عدم المعرفة أم “مكيدة ” لهدف قد يتضح لاحقا.
فهل مات “شُكر ” أم لم يمت؟ هل ما جرى لهنية هو فعل إسرائيلي فقط أم تعاونت معه الولايات المتحدة أم أن أجهزة أمن دول أخرى لها “نصيب” في كل ما جرى لكنها ستسير في الجنازة ؟.
دعوتي : لا بد من تعزيز السرية لحركة هؤلاء القادة، ولا بد من ضمان تمويه حركتهم ومظاهرهم، بل لماذا لا تكون إقاماتهم في ملاجئ غير معروفة إلا لعدد لا يتجاوز 3 اشخاص…وهنا يقفز السؤال التالي: إن نجاح عمليات الاغتيال الإسرائيلية في القيادات الميدانية في غزة أقل كثيرا من نجاحها خارج غزة المطوقة والمحاصرة منذ 18 سنة..سؤالي لماذا؟.