فسّر الخبير في الشأن الجيوسياسي الدكتور أحمد بن سعادة خلال جلسة حوارية لإذاعة أمل وكرامة من تقديم الصحفي القدير عبد الجليل ظهري تحول وجهة النظر للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتجاه الجزائر و مغازلته لنظام المخزن أنها تنّم عن حملة كراهية شديدة لا يزال يكّنها حزب اليمين المتطرف الفرنسي المتحكم بزمام الأمور اتجاه كل ما هو جزائري, حيث أن ذات الجهة لا تزال حسب نفس المتحدث مستاءة لرؤية الجزائر تنعم في كنف الحرية و الاستقلال بعد 132 سنة من الاستعمار و الاستعباد.
و لم ينس الخبير الجزائري أن يشير بأن انحياز الجانب الفرنسي للطرح المغربي فيما يخص الصحراء الغربية ينّم أيضا لتشابه نفس التركيبة الاستعمارية ما بين فرنسا و نظام المخزن, أين تتشابه ذات الظروف الاستعمارية التي تترابط بحب الإستيلاء على الأرض بقوة الحديد و النار ناهيك عن ارتكاب الفضائع تماما كما ارتكبت فرنسا أولى المحارق الإنسانية في التاريخ ناهيك عن سياسة التفقير و التجهيل.
و خلال حديثه أعاب أحمد بن سعادة على الرئيس الفرنسي ماكرون انقلابه في تصريحاته رأسا على عقب فيما يخص قضية الاستعمار التي سبق و أن وصفه بأنه جريمة في حق الإنسانية, و ذلك خلال زيارته للجزائر أين كان يشحذ و يستعطف التأييد حينها من أجل اعتلاء كرسي الإيليزيه سنة 2017.
و يرى ذات المتحدث أن تقارب الرؤى ما بين الإستعمار المغربي للأراضي الصحراوية و مستعمر الأمس ما هو إلا طبخة جديدة يتم تسويتها كي تكون خنجرا مسموما في ظهر الشعب الصحراوي المغلوب على أمره, باعتبار أن نظام القصر الملكي و جمهورية ماكرون لهما نفس الجينات الإستعمارية التي تحلم باستمرارية الإستعمار في القارة السمراء.
فمثل هذا التقارب الشيطاني بين نظام المخزن و فرنسا يعتبر بمثابة حصان طروادة, الذي تحلم من خلاله فرنسا بعودة جيشها للسيطرة مجّددا على أراضي الساحل التي سبق و أن طردت منها بكل إهانة بالأمس القريب.
و في خضم حديثه أعاب بن سعادة على فرنسا انتهاجها اللعبة السياسية بوجهين, حيث تارة تلعب على وتر الالتزام بحقوق الإنسان بصفتها عضو فعال في مجلس الأمن, و تارة أضحت لا تلتزم بتوصيات الأمم المتحدة و لا بتشريعات الإتحاد الأوروبي, و لا حتى ما ينص عليه القانون الدولي.
و في خضم الحديث عن القضية الصحراوية ربط الصحفي عبد الجليل ظهري قضية التقارب المغربي الفرنسي بالسكوت العلني لنظام المخزن عن ما يجري من مذابح يندى لها الجبين في غزة الذي يعتبر بحد ذاته كنوع من المكافأة بالوكالة على هذا السكوت من نظام جلالتهم.
للإشارة أن التطبيع الصهيو-مغربي الذي اتخذ طابع الرسمية منذ سنة 2020 يعتبر مقدمة إرهاصية لما يجري من تقارب بين نظام المخزن و قصر الإيليزيه, و هو ما يصّنف بحد ذاته كتهديد للأمن القومي لمختلف دول الجوار باعتبار نظام المخزن يمثل القاطرة الأمامية لأطماع العالم الغربي في القارة السمراء.