ما قل ودل

كلما توّجك الغرب بالجوائز فأنت في الطريق الخاطئ…ثلاث أسئلة لبن سعادة بشأن كمال داود

شارك المقال

تماما مثلما يشير عنوان المقال فإنه كلما ازداد الغرب حماسة في إغداق الجوائز على أي كاتب قادم من العالم الثالث و خصوصا من المنطقة العربية, فإنه حتما ذات المؤلف يعتبر عصا يضرب بها الغرب المتعجرف خصومه بالأمس, أو بالأحرى المعذبون السابقون في أرضهم.

و رغم تدشين مختلف العناوين الصحفية الشهيرة لصورة مكبرة لكمال داود عرفانا منها بخطف هذا الأخير لجائزة “جونكور” للأدب الفرنسي عن روايته الأخيرة “حوريس”, إلا أنه على النقيض فإن العديد من الإعلاميين في أوروبا انتفضوا و رفضوا تمجيد ذات الكاتب بالصورة التي يرغب الغرب في تسويقها للرأي العام.

و لعل جريدة “INVESTIG’ACTION” اختارت التغريد خارج السرب بتوجيهها عن طريق صحفيها “روبن دولوبيل” لثلاث أسئلة محورية للدكتور الجزائري أحمد بن سعادة حول كمال داود, أين ربط الصحفي في سؤاله الأول هذا التتويج غير البريئ بإدارة داود ظهره للقضية الفلسطينية و أيضا كل ما يجري في قطاع غزة من فضائع و مذابح.

و أجاب بن سعادة الذي سبق له و أن خصص لداود كتاب -1- خاص به سنة 2016 معتبرا داود بالكاتب الذي رضع من الأدب الاستعماري, فمن خلال كل مؤلفاته نلمس تزاوج أفكاره و أرائه بكل الأراء الاستعمارية البغيضة, حيث أن كل ما جادت به أنامله أدبيا ما هي إلا قلة أدب و شيطنة لكل ما هو جزائري تماما كما يفعل في استهتاره بالحجاب, فلهذا نفهم مدى الإعجاب اللامتناهي الذي يلقاه المعني من قبل العالم الغربي, أين أضحى الضيف رقم واحد في كل البلاطوهات, و إضافة إلى ما يكّنه داود من عداء لبني قومه أصبحت مواقفه المتناقضة اتجاه القضايا التي يراها الأحرار عادلة هي المعيار التي يجعله محبوب اللوبي الصهيو-فرنسي بلا منازع, و يكفي فقط رؤية المنابر الإعلامية التي تحتفي به حتى نستخلص من هو التيار الذي يتلاعب بالمدعو كمال داود.

فكل من قرأ لكمال داود خصوصا في جريدة  “le quotidien d’Oran” و بالضبط في عموده لعدد 12 جويلية 2014 يلمس حقده الدفين للقضية الفلسطينية, حيث كتب حينها تزامنا مع الاعتداء على قطاع غزة  -Ce pourquoi je ne suis pas “solidaire” de Gaza » -2 “لهذا لست متضامنا مع قطاع غزة”, و ازداد حماقة في 23 أكتوبر 2023 حين كتب مقالا عنونه “حرب حماس-إسرائيل…رسالة إلى إسرائيلي مجهول من طرف كمال داود”  « Guerre Hamas-Israël : lettre à un Israélien inconnu de la part de Kamel Daoud » و التي بعث من خلال هذا المقال رسالة مؤثرة و مستعطفة إلى الطرف الإسرائيلي, هنا جعل من كبريات الصحف الإسرائيلية تتبنى الموضوع كالمنبر اليهودي -3- « tribune juive ».

و في نفس الفترة شارك المدعو كمال داود في كتاب مشترك الذي يحمل عنوانا يكشف محتواه “مذبحة في القرن الحادي والعشرين: إسرائيل 7 أكتوبر 2023″  « Un pogrom au XXIe siècle : Israël 7 octobre 2023 ».

و لهذا ختم السيد بن سعادة إجابته عن السؤال الأول للصحفي بأنه ليس من الصدفة اختيار كمال داود لحصوله على تتويج جائزة جونكور, و أما فيما يخص الجانب الجمالي بالنسبة لمؤلف “حوريس” فدعى بن سعادة القراء إلى الاستناد للتحليل الأدبي للناقد و المختص في الأدب الفرنسي “كريستيان شولي عاشور ” -4- الذي قال بشأن مؤلف داود بأن حوريس تجد صعوبة كبيرة لكي يتم تصنيفها كتحفة أدبية.

و خلال السؤال الثاني الذي وجهه دولوبيل لبن سعادة عن سّر اصطفاف كبريات المنابر الإعلامية رغم اختلاف مشاربها لجانب كمال داود على غرار  FR 5, Arte, France Inter, Le Point,  أجاب الخبير الجزائري بأنه لا يوجد اختلاف يذكر بين وسائل الإعلام الفرنسية من النوع الثقيل فهم يعملون كلهم لغاية واحدة, و إذا غردت أية وسيلة خارج السرب سوف يتم التضييق عليها حتى إفنائها و هو ما يتم استخلاصه خلال تغطية الحرب الدائرة في أقصى الشرق بين روسيا و أوكرانيا و بالموازاة المذابح المسكوت عنها في غزة, فمثل هذا الكاتب يعجب الإعلام الغربي باعتباره يلقى الإجماع نظير ما يتمتع به من مواصفات على غرار “الذريعة العرقية” مثلما يراه المحلل السياسي “توماس سيريس” نظير الخطاب الثقافي العنصري و الإسلاموفوبي الذي يتبناه داود -5-, بينما يراه “آلين غريش” بمثابة المخبر الأنديجان و هو مصطلح استعمله المستعمر قديما فيما يخص فرد من الأهالي يقول ما يريد المستعمر سماعه, و هي بالضبط مهمة كمال داود -6-.

و للتساؤل لماذا كمال داود يلقى تستر من قبل وسائل الإعلام الثقيلة في فرنسا جراء جريمة التعدي على زوجته بالسلاح الأبيض, و التي تسبب لها بجروح و تمت محاكمته بشأنها في مدينة وهران سنة 2019, حيث تم تداول ذات القضية من قبل وسائل إعلام جزائرية في حينها, فلماذا هذا التجاهل من قبل المنابر الإعلامية الفرنسية علما أن المعني يعتبر عضوا فعالا للدفاع عن حقوق المرأة.

علما أن جريمة مثل التي ارتكبها داود اقتيد أمثال من فعلها من سابقيه لمشانق إعلامية, فلماذا إذا يلقى داود الإستثناء؟ و يتم تكريمه بجائزة جونكور و يلقى الثناء و هو يتشدق بحماية حقوق المرأة ؟.

و في سؤال أخير لبن سعادة عن مدى اهتمامه بهذا الكاتب أجاب بأنه و لمدة طويلة اطلع على كتابات داود في جريدة ” le Quotidien d’Oran” حيث لاقى حينها إعجابا جماهيريا كثيفا من خلال انتقاذاته لمنظومة الحكم و المجتمع الجزائري, حينها و هو ما كان يثير الإعجاب لدى معظم القراء.

و بدافع الغرور تحولت كتابات ذات الشخص من النقذ البناء إلى إهانة المجتمع و الفرد، و أشربها بالوقاحة الفكرية و ابتذال الإهانة, ثم طوّر خطاباً نوستالجيا يدعو إلى الحنين إلى الاستعمار بعبارات مثل “الأرض لمن يحترمها. إذا كنا نحن الجزائريين غير قادرين على القيام بذلك، فمن الأفضل أن نعيدها إلى المستوطنين”.

بعدها تمادى في حماقاته حين أظهر نفوره من اللغة العربية التي يعتبرها ميتة أو “لغة الاستعمار” بينما الفرنسية “لغة الحرية” حسبه, لذا من جانبه يرى بن سعادة بأن كمال داود وصل إلى نوبة كراهية الذات في قضية الاغتصاب في كولونيا. ومن دون انتظار نتائج التحقيق (التي كشفت أن هذه القضية كانت خدعة خالصة)، وصف الكاتب اللاجئين العرب بـ “المغتصبين المحتملين”. لتأكيد حقيقته التي يقصد إيصالها لقراء عالم “التنوير”، العالم “المتحضر” ليكشف لعامة الناس في الغرب بطريقة مرعبة، أن الجنس في العالم الإسلامي مرض وأن هذا المرض يزحف نحو أراضيهم في الوقت الراهن”.-7-

و نتيجة تضارب الأراء بشأن هذا الكاتب يقول بن سعادة أنه اضطر إلى تأليف كتاب -8-، عام 2016، عن الأيديولوجيا التي تنقلها كتابات كمال داود. و”قد أكسبني هذا العمل العديد من الانتقادات من الأسماء اللاذعة في ذلك الوقت. لكن بعد مرور ثماني سنوات، أثبتت المغامرات التي لا تعد ولا تحصى لهذا الكاتب الخاضع للاستعمار الجديد أنني على حق، في رأي عدد متزايد من القراء المطلعين. فمن الصعب أن تكون متقدمًا على وقتك. ولكن أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي أبدا، أليس كذلك؟ يختم بكل براعة بن سعادة إجابته عن الثلاث أسئلة لصحفي جريدة  “INVESTIG’ACTION”.

الهوامش:

1 Ahmed Bensaada, « Kamel Daoud : Cologne contre-enquête », Ed. Frantz-Fanon, Alger 2026

2 Kamel Daoud, « Ce pourquoi je ne suis pas “solidaire” de la Palestine », Le Quotidien d’Oran, 12 juillet 2014, p.3

3 Kamel Daoud, « Kamel Daoud. Lettre à un Israélien inconnu », Tribune juive, 26 octobre 2023, https://www.tribunejuive.info/2023/10/26/kamel-daoud-lettre-a-un-israelien-inconnu/

4 Christiane Chaulet Achour, « “Houris” de Kamel Daoud ou… écrire sa catabase », Collateral, 17 septembre 2024, https://www.collateral.media/post/houris-de-kamel-daoud-ou-%C3%A9crire-sa-catabase

5 Thomas Serres, « Autopsie d’une défaite et notes de combat pour la prochaine fois », Article 11, 2 mars 2016, http://www.article11.info/?Autopsie-d-une-defaite-et-notes-de

6 Alain Gresh, « Bidar, ces musulmans que nous aimons tant », Le Monde diplomatique, 25 mars 2012, http://blog.mondediplo.net/2012-03-25-Bidar-ces-musulmans-que-nous-aimons-tant

7 Kamel Daoud, « La misère sexuelle du monde arabe », The New York Times, 12 février 2016, http://www.nytimes.com/2016/02/14/opinion/sunday/la-misere-sexuelle-du-monde-arabe.html?_r=0

8 Ahmed Bensaada, « Kamel Daoud : Cologne contre-enquête », Op. Cit.

 

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram