ما قل ودل

ذكرى المبايعة…يوم تأسيس الدّولة الجزائرية المعاصِرة

شارك المقال

أعتذر لمدير الثقافة على دعوته الكريمة وللمثقف المتميز سي الناصر عبد الحميد و الباحثين المشاركين في هذه اللقاء العلمي بمعسكر عن عدم تمكني من الحضور والغياب حضور.

أود تسجيل ما خطر بذهني بمناسبة إحياء هذه الذكرى الوطنية والروحية والإنسانية والسياسية في هذه النقاط:

١- منذ القرن الثالث عشر ميلادي (وطن زناتة) أو (الواسطة) أو (المغرب الأوسط) يعيش أزمة نظام مركزي وقد كان الخروج من ذلك بفضل ثورة نوفمبر المجيدة، وفترة الحكم التركي شكلت شبه استقرار ومركزية، ودولة الأمير عبدالقادر الملقب بالسلطان أو ناصر الدين كانت عاصمتة متنقلة (زمالة الأمير) لظروف الحرب وتأمين التحاق بعض العروش والقبائل بالاحتلال الفرنسي، وضمان بقاء السلطة مركزية.

٢- البيعة معناه تأسيس جديد لدولة لا تقوم على الاستحقاق النسبي (الأشراف) وإنما هو صفة تحسينية وليست إلزامية في الحكم، ولا على منطق القوة (الشّوكة) وهما صفتان عرفتهم دول المغرب العربي منذ العهد الإدريسي والأغلبي، وإن كانت الرستمية قامت على شورى في البدء ولكن وقع الانقلاب وأصبحت وراثة مثل الدول السنية.

٣- فدولته تعتبر قديمة وجديدة، ومثّلت مرحلة زخم كبرى في تاريخ الجزائر، وغالبا لا نقرأ تاريخه في تواصل مع ما سبق وتقاطع معه في الوقت نفسه، إننا بعبارة مؤرخي الحوليات علينا أن نقرأ الهامشي والمتخيل والذهني والاقتصادي للزمن الأميري.

٤- لماذا اخترنا البيعة الأولى دون الثانية العامة، لأنها بيعة العلماء والفقهاء، أي أن بلغتنا اليوم (النخب العلمية) هي العقد الاجتماعي بلغة لوك وهوبز، وهذا تقليد في تأسيس بعض دولنا منها الدولة الرستمية التي أسستها جماعة (حَمَلة العلم) الذين تكوّنوا في البصرة ومنهم بعض من البربر ، وكانت مدرسة بجاية خميرة تكوين علمي لمؤسسي دولة الموحدين (ابن تومرت وعبدالمؤمن بن علي ).

٥- لذا علينا أن ننطلق في إعادة وإبداع سردية جديدة عن الأمير عبدالقادر بروح علمية تستثمر المنهجيات الجديدة، فالتاريخ الأميري مازال في سرداب ولم يهتم بالتجّذر وبالحقبة في تمفصلاتها، فكان مثلا من الضروري أن نعرف وندرس الذين بايعوا من العلماء ؟ وماهي نقاشاتهم في المجلس واعتراضات بعضهم؟ وماهو الخلاف الصوفي- الفقهي الذي بقي في مجال اللاشعور السياسي وكان له أثره على دولة الامير ؟ ومن هم خلفاء الجهات (الولايات) وتفاصيل حياتهم ؟ وبعض تجاوزاتهم التي أنكرها الأمير؟ وماهو تأثير الطائفة اليهودية في دولة الأمير ؟ وعلاقته مع السلطة العلوية والتي لم تعرف خطا واحدا؟ ما تأثير أمّه الزهرة وزوجته خيرة عليه وكيف لعبا دورا في حياته الجهادية والعلمية والصوفية ؟ لماذا بعض أقاربه اصطف مع الفرنسيين ضده؟ … إلخ.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram