كانت مكتبة “أبي راس الناصري” بمدينة معسكر يوم أمس على موعد مع محاضرة قيّمة أشرف على إلقائها الأستاذ الخبير في الجيوبوليتيك السيد أحمد ميزاب, أين أبدع في توضيح المقاربة بين الوحدة الوطنية في تعزيز مقومات الدولة الوطنية في ظل تحديات الثابت و المتغير.
و حضر هذه المداخلة الفكرية ذات الطابع السياسي و الاجتماعي الذي يخدم كل ما هو وطني و التي كانت من تنظيم نادي البيان نخبة من الأساتذة و الدكاترة من كافة الجهة الغربية, من أجل الاستفاضة من المعلومات القيمة التي أدلى بها الخبير الجيوسياسي “أحمد ميزاب”.
و جاءت هذه المحاضرة في ظل التحديات التي يعرفها العالم بمختلف أقطابه, أين تدخل من خلالها الثوابت و التغيرات ضمن اللعبة السياسية التي يعتبر بلدنا مثل سائر البلدان طرفا فيها.
و ركز الباحث “أحمد ميزاب” خلال مداخلته على مصطلح المناعة الذي تطرقت إليه مجلة “الجيش” في عددها الأخير, و الذي يعتبر سّدا منيعا تكون من خلاله الدولة في منآى عن الهجمات التي تصدرها جهات أجنبية قصد النيل من قدراتها و جعلها تتآكل من الداخل.
و صرح ذات المتحدث أن النيل من الوحدة الوطنية لم يعد يقتصر على التدخل العسكري فحسب, بل أصبحت القوى الناعمة تلعب دورا بارزا في القضاء على الدول من الداخل, تارة عن طريق ضرب الرموز الوطنية و تارة عن طريق خلق الندرة و ضرب الاقتصاد الوطني لخلق القلاقل و البلبلات, و بث خطابات الكراهية و التلاعب بالمعلومات لأجل تغليط الرأي العام لبث الحروب العرقية و كذا الطائفية.
و يرى “أحمد ميزاب” أنه من أجل الحفاظ على ثوابت الأمة التي تنبري ضمن الوحدة الوطنية التي تتمحور حول الالتزام بالقانون و المؤسسات و التي يتولد من خلالها الاستقرار السياسي و الاقتصادي و كذا الاجتماعي و كل ما له علاقة بتطور الأمة, يجب التعامل مع كل متغير و ردع الجانب السلبي منه, خصوصا ما يتم تصديره من العالم الغربي, و لعل أبرز المتغيرات القادمة من هذا العالم هو كل ما يتم ركوب موجة ثورته الرقمية التي باتت تأكل في طريقها الأخضر و اليابس.
و في خضم حديثه عرّج “أحمد ميزاب” على مصطلح معركة الوعي التي أضحت فارقة ما بين المجتمعات, أين أضحى من يكسبها يرتقي ضمن مصاف الأمم في عالم أضحت الوحدة الوطنية فيه ليست خيارا بل ضرورة حتمية من أجل الحفاظ على الاستقرار في عالم مليئ بالمتغيرات, التي أضحت من خلالها الأجندات الأجنبية تتلاعب بعقول الفرد و هو ما ينعكس سلبا على المجتمع بأكمله, و هو ما يضرب الوحدة الوطنية في الصميم.
لذا يعتبر الحفاظ على الوحدة الوطنية فرض على كل فرد من المجتمع و يجب أن ترافقنا طول الوقت ما دام ذلك يساعد على معركة البناء و حماية الأجيال من كل خطر محدق.
و بعد فيض المعلومات التي أدلى بها الأستاذ “أحمد ميزاب” فتح المجال لطرح الأسئلة و النقاشات التي كانت معظمها بناءة, و انتهت خلاصتها بأنه على الجميع المشاركة في كسب معركة الوعي و الوقوف وقفة رجل واحد ضد كل المتغيرات التي تسعى الأجندات الأجنبية من خلالها النيل من الوحدة الوطنية.
للتذكير أن جريدة “المقال” انفردت بالأستاذ “أحمد ميزاب” عقب نهاية مداخلته و تطرقت معه لكل ما يجري في العالم من تغيير خصوصا على مستوى القضايا الجيوسياسية و أجرت معه حوارا مميزا سوف نقوم بنشره في العدد المقبل.