ما قل ودل

“عَرجُون التَّمر” الخالِد بعطائِه وحلاوتِه…لقاءات الخليفة العامة للتيجانية بأخيه شيخ زاوية تماسّين

شارك المقال

كلما شاهدتُ الّلقاء بين الخليفة العام للطّريقة التّيجانية الشّيخ علي بلعرابي وشيخ زاوية تماسين محمد العيد التماسيني تملكتني الغِبطة، وهي لقاءات تختصِر تاريخاً عائلياً وروحياً وثقافياً، تاريخ الجزائر والتّيجانية في العالم.

إنّ مشاهِد الّلقاء تُعبّر عن وفاء لمؤسّس الطّريقة الملقَّب “القُطب المكتوم والختْم المعلوم” في تراجم أتباعه ومحبِّيه، واستحضار وصيّتِه لخاصّة خاصّة أصحابِه “المفتوح عليه” الحاج علي التّماسيني (ت 1844) بترحيل ابنيه وأهلِه وعودتهم إلى وطنهم الذي غادره مُكرهاً من مضايقات الأتراك وأسباب أخرى، ومات وفي قلبه العودة إلى الديار، إلى عين ماضي الفيّاضة بالرّوحانيات والعلم، وتحمّل الحاج علي التماسيني سرّ الخلافة وعهد الطريقة وإعطاء الأوراد مثل الأصحاب الآخرين الذين تحدث عنهم صاحب “كشف الحجاب”، وانتشروا في بلدان عربية وإفريقية وآسيوية ووصلَت الطّريقة إلى العالم.

إنّ اللقاء المبهِر الجميل في تماسين فيه كثافة رمزيّة عن “تقاليد المشيخة” وأنّ السّر في وطن تُربته الجغرافية والعلمية والروحية مباركة، وعلينا أن نقرأ “البركة” في قِيم الضيافة والصّبر والرحمة واحترام الآخر، وأن “قصّة عرجون التّمر” رمزٌ للحبّ للإخلاص والكرم والإيثار، عرجون انتقل من “تماسين” إلى “فاس”، وما أكثر العَراجين التي انتقلت إلى هناك، “ومازال عَطاءُ ربّك مدّاً إلّا من أراده محظوراً !.

و إنّ “تماسين” غرسٌ رباني أبرز الله خيرَها وطهّرها على يد أمثال الحاج علي بن عيسى، وفي معرض حديث الجالسين عن الشّرف النبوي قاله له شيخه أحمد التيجاني “أنت شريف، إنّما أنت عليّ بن أحمد التيجاني بن رسول الله عليه الصلاة والسّلام”، هكذا معنى الشّرف المطلوب الانتساب العلمي والدّيني والأخلاقي، هي البركة القرآنية والعلمية والتّضامن والمحبة في وادي سوف وقمار والبياضة وبوسمغون وتلمسان وتوات وقسنطينة وفاس وتونس وليبيا والسينغال ومالي ونيجريا وموريتانيا والنيجر وغيرها من بلدان يشدهم الحنين لزيارة عين ماضي وتماسين وخلوة بوسمغون وتلمسان.

تفاصيل حياة علي التماسيني الذي كان يَؤمّ الجماعة مع شيخهم أحمد التيجاني، وتولّى رعاية عائلته، وكيف سكن أجداده “تملاّحت” السّبخة “تماسين” وأصبحت جنّة بالنخيل والفلاحة، وكان شعاره ” السّبيحة “الذِّكر” والمسِيحة “آلة الفلاحة”-العمل- واللويحة “العلم”, حتى خروج الرّويحة “تصغير الروح”، وبذلك نقول أسس “إمارة روحيّة” على أنقاض “إمارة بني جلاّب الدّنيوية” التي نخرها الفساد، وما عند الله باق.

الكتاب اعتنى به وأصدره في مطبعته الفاضل سالم حبيب السّوفي، عنوانه: “غرائب البراهين في مناقب صاحب تماسين” للمؤلف محمود بن المطماطية القسنطيني (ت 1952)، رغم مافيه من مبالغات سنعود إليه لقراءته بحول الله, علينا جميعا الحفاظ على (عرجون التّمر) ورعايته بالإخلاص والاجتهاد حتى يبقى مثمرا متجددا معطاء.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram