بما أن عجلة التاريخ لا تزال تدير نفسها بنفسها لأجل تكرار سيناريو ما حدث بالأمس على طبق اليوم, ها هي مجددا فصول حلقة من حلقات الحروب الصليبية و كذا التوسعات المغولية تعاد أمام الملأ لكن تحت مسمى آخر و تحت ظروف أخرى يتم تسميتها بالتموقع الجيوسياسي التي أضحت علما قائما بذاته يدّرس في الجامعات شأنه شأن الرياضيات و الفيزياء و باقي علوم الماديات.
فبعد حروب الإبادة التي لم يفلح فيها الصهاينة على مقاس نظرائهم المغول, أين أكلوا في غزة الأخضر و اليابس, و بعد انهيار هولاكو بني صهيون “نتانياهو” على أسوار القطاع المبارك تماما كما انهار المغول في معركة عين جالوت و قبلها ركوع الصليبيين بقيادة ريتشارد قلب أسدهم في حطين و بعدها دحر نابوليون على أسوار عكا, ها هو دونالد ترامب يريد اللعب مرة أخرى في منطقة المحظور.
فرغم تخفي ترامب في ثوب رجل الأعمال المصلح الذي يريد الخير للغزاويين عبر إبعادهم من أرضهم على طريقة الأطفال الصغار بحجة أننا ننظف عودوا بعد استواء الأشياء, ها هم الغزاويون يجيبونه كبيرهم و صغيرهم أنه لا مقام لهم في أي أرض ما عدا أرضهم.
فكيف بربكم يرضى من فقد أباه و أخاه و أخته و أمه و جدته و باقي أقربائه و أصدقائه الذين لا يزالون مقبورين تحت الثرى بأن يغادر نحو ديار مجهولة, تاركا وراءه قطعة من قلبه مطمورة يعتبر ارتداداتها من العالم الآخر بمثابة متنفس له حتى يلحق بمن ارتقى مرتقى الأطهار الأصفياء.
فترامب من خلال انتهاجه التهجير القسري لا يريد لأمريكا تواجدا عسكريا في المنطقة فحسب, بل يريد اسنساخ ما قام به الأباء الحجاج “Pilgrim Fathers” خلال الحملات التبشيرية الأولى في العالم الجديد, أين لقي الهنود الحمر حملة تهجير و إبادة بشعة يندى لها الجبين بقيت وصمة عار لكل الأمريكيين.
و التاريخ يشهد أنه لا جينكيس خان و لا قلب الأسد و من هم على شاكلته من الفرنسي أرناط و لويس التاسع و لا نابوليون و لا فرانسوا بيكو و لا حتى جورج سايكس أفلحوا في هز شعرة من رأس الغزاويين…تصبحون على خير.