ما قل ودل

القبلة فوق رأس حماس تذكّرنا بإسلام قارودي

شارك المقال

لا تزال المقاومة الفلسطينية الباسلة تضرب الأمثال و تخجل يوما بعد يوم العدو الصهيوني رغم انتهاء الحرب و انعكاف الفلسطينيين لتضميد الجرحى و إعادة دفن رفاة من قضوا ظلما و عدوانا خلال القصف الهمجي, و يبدو أن روح المقاومة لم تخمد على كل الجبهات فبعدما قام المجاهدون الأبطال بتركيع عساكر الكيان المحتل, ها هم مرة أخرى بعد جنوحهم للسلم ينتصرون معنويا على نظام طاغي بأكمله من خلال روح التسامح و إظهار أسراهم لمبادئ الوفاء اتجاه آسريهم.

و خلال عملية تبادل الأسرى الأخيرة ظهرت مرة أخرى معالم الانتصار الفلسطيني من خلال تقبيل أحد الأسرى الصهاينة جبهة أحد أسود المقاومة, أين أبى الأسير من خلال قبلته  إلا أن تكون عربون وفاء بينه و بين سجّانه, حيث أظهرت ذات القبلة مدى الاحترام الذي لقيه الأسرى طيلة أيام حجزهم بعد معركة طوفان الأقصى الأولى.

و في حين أظهر الفلسطينيون ظروف الراحة التي تمتع بها الأسرى الصهاينة بالصوت و الصورة, حيث سمح لهم بصيد الأسماك و تناول كل كما لذ و طاب, ظهر العدو الصهيوني على النقيض, حيث رجع الأسرى الفلسطينيون من سجون الاحتلال يشتكون سوء الحال, فكم من أسير فقد أكثر من نصف وزنه و تعرض معظمهم للأمراض المزمنة نتيجة المعاملة السيئة للسجّانين.

و من خلال هذه المقارنة خسرت إسرائيل مرة أخرى الحرب المعنوية بعدما خسرتها على أرض المعركة, أين عاد معظم جنودها بأعضاء اصطناعية, لتضرب المقاومة الفلسطينية مجّددا المثل أمام المجتمع الدولي و تكشف عورة المحتل أمام العالم.

ذات التصرفات النبيلة النابعة من المقاومة الشريفة تذّكرنا بما فعله المجاهدون الجزائريون خلال ثورة التحرير المباركة, أين شهد جنود العدو بأنفسهم عن رحمة جنود جيش التحرير البواسل, و لعل أبرز الشهادات هي ذلك الموقف الذي حكاه المفكر الفيلسوف الفرنسي الشهير “روجي غارودي” الذي اعتنق بعده الإسلام و حول اسمه إلى “رجاء غارودي”.

و يقول رجاء أنه سقط أسيرا برفقة عناصر من فيلقه خلال إحدى العمليات العسكرية في جبال الجزائر, أين كان يؤدي الخدمة العسكرية الإجبارية, فقال أنه اختلف بشأنهم من قبل جنود جيش التحرير, حيث أشار أحدهم بالقضاء عليهم بينما عارض آخر بشدة و هو رأي الأغلبية مستشهدين بأن الدين الإسلامي يمنع الإساءة للأسرى.

و بعد سجال غلب صوت الحق و تم إطلاق سراح غارودي و من معه ليصدم روجيه بعظمة هذا الدين و راح يقّلب في طياته حتى ضربته الأمواج النورانية و اعتنق الدين الحنيف ليصبح فيلسوفا و مفكرا و مدافعا على القضايا الإسلامية و المفارقة العجيبة أنه ارتضى لنفسه زوجة فلسطينية, و ظل صديقا للجزائر و كان حتى محاضرا خلال ملتقيات إسلامية عدة في أرض الشهداء, فرحم الله رجاء غارودي و قيّض النصر للمجاهدين الفلسطينيين.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram