نظّم مخبر اللّهجات ومعالجة الكلام بجامعة وهران1 كليّة الآداب والفنون الملتقى الوطنيّ الأوّل حول: (المعالجة الآليّة للّغة العربيّة – الواقع والتّحدّيات-) بالتّنسيق مع مشروع البحث الوطنيّ بإشراف البروفيسور سعاد بسناسي الموسوم: (استعمال الذّكاء الاصطناعيّ والرّقمنة في العمليّة التّعليميّة للّغة العربيّة) المعتمد وزاريّا وكذا بالتّعاون مع دار الذّكاء الاصطناعيّ بجامعة وهران1.
وذكرت السيّدة مديرة مخبر اللّهجات ومعالجة الكلام أ. سعاد بسناسي أستاذة اللّغويات بجامعة وهران1 وعضو المجلس الأعلى للّغة العربيّة أنّ فكرة الملتقى جاءت نتيجة الثّورة العارمة للتّكنولوجيّات الحديثة والوعي بضرورة الإفادة منها لما يخدم اللّغة العربيّة ولأنّ مجال معالجة اللّغات الطّبيعيّة (Natural Langage Processing NLP) حظي باهتمام كبير في السّنوات الأخيرة بسبب التّطوّر الكبير الذي حصل في أجهزة الكمبيوتر وقدرة استيعابها وتطوّر الخوارزميّات والتّعلّم العميق. تعتبر اللّغة العربيّة من أكثر اللّغات انتشارا في العالم حيث يتحدّث بها أكثر من 420 مليون شخص، ممّا يجعلها خامس أكثر اللّغات استخدامًا في العالم. هذا الانتشار جعل من الضّروريّ تطبيق تقنيّات البرمجة اللّغويّة على اللّغة العربيّة من أجل تسهيل الاتّصال ونقل المعرفة وتعزيز التّفاعل بين الإنسان والآلة.
وأضافت الأستاذة سعاد بسناسي أنّ الباحثين والمختصّين يواجهون في مجال المعالجة الآليّة للّغة العربيّة العديد من المشاكل والصّعوبات كونها لغة لها العديد من اللّهجات، ممّا يجعل من الصّعب إنشاء نماذج لغويّة شاملة. كذلك الترّكيبة النّحويّة الثّريّة للّغة العربيّة وتعقيد قواعدها وصرفها تشكّل هي الأخرى تحدّيات لمطوّري البرامج الآليّة للّغة العربيّة. على الرّغم من كلّ هاته التّحدّيات، فقد طوّر الباحثون عدّة طرق للتّغلّب عليها وتحسين دقّة تقنيّات البرمجة الآليّة المطبقة على اللغة العربية في عدة ميادين كالترجمة الآلية، أنظمة التعلم المخصصة، تحليل المشاعر وتطوير مساعدين لغويين أذكياء.
أظهرت التطورات الحديثة في تقنيات المعالجة الآلية للغة العربية نتائج واعدة في تحسين دقة معالجة اللغة العربية التي تعود بالعديد من الفوائد المحتملة على مختلف مستعمليها في جميع بقاع العالم، وسنحاول من خلال هذا الملتقى تسليط الضوء على التطورات الملحوظة للمعالجة الآلية للغة العربية، عرض مختلف المشاكل التي تواجهها ومناقشة أبرز التحديات مستقبلا.
وحظي الملتقى بمشاركات واسعة من مختلف جامعات الوطن منها: جامعة وهران1، المدرسة العليا للأساتذة وهران، جامعة وهران للعلوم والتّكنولوجيا، جامعة مستغانم، تموشنت، باتنة1، سطيف2، تيارت، تيسمسيلت، خنشلة، أمّ البواقي، بجاية، الشلف، بشار، خميس مليانة، المركز الجامعي تيبازة، وبحضور المكلّفة بدار الذّكاء الاصطناعي بجامعة وهران1 الأستاذة بن قداش التّي شاركت ضمن الجلسة الرّئيسة للملتقى بمداخلة حول (هل يفهم الذّكاء الاصطناعي لغة القرآن الكريم؟) وكذلك السيد مدير دار الذّكاء الاصطناعي بجامعة العلوم والتكنولوجيا وهران تحدّث عن أنظمة التّعرّف الآليّ على الحروف العربيّة باستخدام الذّكاء الاصطناعيّ، ود. العابد تحدّثت عن كيفيّة الإفادة من تطبيقات اللّغات الكبيرة من الجانب النّظري لإعداد البرمجيّات، وقدّمت مداخلة في جلسة الافتتاح أ. بسناسي حول التّحليل الدّلالي الرقمي في ظل المعالجة الآليّة للغة العربيّة من خلال تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ، وتلت هذه الجلسة جلسات علمية قدّم الأساتذة والبحثة مداخلات حضوريّة وعن بعد.
ونشير إلى أنّ الملتقى يهدف إلى الآتي:
- التّعرّف على آخر مخرجات الأبحاث العلميّة والتّطبيقات التّكنولوجيّة المعالجة للّغة العربيّة آليّا.
- تزويد الأساتذة والطّلبة الباحثين بأحدث التّطبيقات والمعارف والمعلومات في مجال المعالجة الآليّة للّغة العربيّة.
- كشف إيجابيّات وسلبيّات المعالجة الآليّة للّغة العربيّة على العمليّة التّعليميّة التّعلّميّة.
- الاستفادة من التّخصّصات التّقنيّة والمعلوماتيّة في مجال المعالجة الآليّة للّغة العربيّة.
- تنشيط البحث في مجال المعالجة الآليّة للّغة العربيّة.
وأهمّ النّتائج المتوقّعة من الملتقى:
- الاستفادة من مختلف العلوم التّقنيّة في حوسبة اللّغة العربيّة.
- السّعي من أجل الوصول إلى نظام حاسوبيّ عربيّ ينهض باللّغة العربيّة ويواكب تطوّرها.
- المعالجة الآليّة للنّصوص العربيّة.
- استحداث تطبيقات تهتمّ بدراسة وتسهيل تعليم اللّغة العربيّة وتعلّمها.
- الاستفادة من الذكّاء الاصطناعيّ في تعليم اللّغة العربيّة للنّاطقين بغيرها.
المحاور الأساسيةّ للملتقى:
- الدّراسات الصّوتيّة والمعالجة الآليّة للّغة العربيّة.
- اللّسانيّات الحاسوبيّة والمعالجة الآليّة للّغة العربيّة.
- اللّسانيّات العرفانيّة والمعالجة الآليّة للّغة العربيّة.
- الذّكاء الاصطناعيّ وآليّات معالجة اللّغة العربيّة.
- تعليم اللغّة العربيّة للنّاطقين بغيرها وبرامج الذّكاء الاصطناعيّ.
- البرمجيّات الحاسوبيّة والمعالجة الآليّة للّغة العربيّة.
وفي ختام الملتقى تلت د. العابد توصيّات المشاركين والتّي تلخّصت في لفت انتباه أساتذة الجامعات إلى ضرورة الإسراع في إدماج تكنولوجيا المعلومات والتواصل عامة والأدب الرقمي خاصة في مقررات التعليم ومفردات تدريس مقاييس النصوص والنقد وضمان التكوين على أساس أنّ أرقى الجامعات تعتمد في اشتغالها على التكنولوجيا بوصفها مرجعا أصيلا في التقدّم والتطور الذي يشهده العالم اليوم. ثمّ إنّ حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الجامعة نشر الوعي الثقافي الرقمي وإعداد جيل متمكن من مهارات استخدام تقنيات الرقمنة بداية من المراحل التعليمية الأولى حتى يتمكن من عبور أزمة الأمية الرقمية وأكّد المشاركون على ضرورة استخدام الثقافة الرقمية في حقول اللّغة والأدب ممّا يضمن تدريس عالي المواصفات ويساير المستجدات ويواكب موجة التفجّر المعرفي، وتماشيا مع الأساليب الجديدة في تلقي النصوص وتلبية للحاجات الحسية والجمالية والذوق الراهن ووجوب تقريب الجيل الجديد من الأدب من خلال التكنلوجيا، لأن الأدب الرقمي أصبح واقعا له مريدوه وروّاد وقرّاء يتفاعلون معه يوميا.
كما تمت الإشارة إلى أهمية -الوسائط هي أحد أقطاب الديداكتيك فقد تجاوزت المثلث الديداكتيكي المتكوّن من النصّ/ الباث/ المتلقي، إلى قطب رابع وهو الوسائط التعليمية التكنلوجية الراهنة . كما نبّه المشاركون والقائمون على الملتقى إلى ضرورة تأهيل الأساتذة وتوفير التكوين اللازم من طرف المختصين، لتنمية مهارة استخدام محركات البحث وتهيئة الفضاء بتقديم الوسائل.
لم تعد مهمة التعليم تنحصر في المادة التعليمية بل تنمية مهارة الحصول عليها وإنشاء معارف جديدة انطلاقا من معارف مسبقة.
– استحداث مناهج بيداغوجية متمكّنة ومسايرة لحركة النصّ من مورد أصيل (التأويل الهرمينوطيقي) يعتمد على قواعد معيّنة غاياته الكشف عن نظام اللغة الداخلي (البناء الصرفي – النحوي – البلاغي – الصوتي) ويتمّ ذلك باستخدام معالج النصوص المتمثل بنظام الصرف الآلي الذي يقوم بتحليل الكلمات إلى عناصرها الاشتقاقية والصرفية وكذلك نظام الإعراب الآلي والأنظمة الدلالية التي تشمل المعاجم الالكترونية لاستخلاص معاني المصطلحات مع مراعاة سياق النصّ.
– تخصيص مقياس الإعلام الآلي في قسم اللغة والأدب العربي وقسم اللغات الأجنبية يقدّم دروسا حول تقنيات التشكيل والتحريك والمونتاج والتركيب والإخراج، وكيفية قراءة النصّ الالكتروني وكتابته من الشعر الحركي إلى الرواية الرقمية إلى المسرح والقصة والصياغة النقدية للفنون المذكورة. واختتمت السيّدة مديرة المخبر ورئيسة مشروع البحث الوطني البروفيسور سعاد بسناسي فعاليات الملتقى بتثمين جهود اللّجنة العلميّة والتّنظيميّة والتّقنية والطّلبة المساهمين في التّنظيم وثمّنت حضور الأساتذة والطّلبة المكثف وأهمية المحاضرات المقدمة والتي غطت محاور الملتقى، واختتمت الفعالية المائزة بتوزيع شهادات في حق المشاركين والمتدخلين الحاضرين، وواعدت بالملتقى الثاني حول أزمة تعليمية اللغة العربية شهر أفريل المقبل بحول الله تعالى.