ما نشهده حاليا من ظلم و عدوان الذي يجتهد في ترجمته على أرض الواقع الصهاينة على إخواننا الغزاويين المرابطون في أكناف بيت المقدس تعّدى الحدود مع تواطؤ و خذلان عالمي جعل إخوتنا لا يجدون بّدا في أرضهم المستباحة سوى التسابق على مذابح الشهادة في غياب أدنى مساعدة من القريب فما بالك بمن لا يقاسمونهم اللغة و الدين و العرق.
و لعل كل من يشاهد مشاهد الدمار الرهيب الذي تلاقيه هذه المدينة المجاهدة التي تعاظم قدرها و تسامى شأنها حتى أنها فاقت ملحمة “ديان بيان فو” في ضراوتها التي أضحت لا تساوي جناح بعوضة مع ما تكابده أمامها, أضحى المطّبعون و المنبطحون لا يستطيعون حتى إلقاء اللوم على الغزاويين لما جرى و لما يجري في اتهام مبّطن للحمساويين مثلما تتقيأ به صالونات المؤتمرات العربية التي لم نحصد من خلالها سوى توصيات الشجب و التنديد التي لا تسمن و لا تغني من جوع و لا يأمن من خلالها إخواننا من خوف.
فأعيدها و أكّررها من هذا المنبر بأنه حتى و لو لم تندلع أحداث معركة طوفان الأقصى التي دبرت بتدبير قادر, لم يكن الفلسطينيون ليبقوا في أمان من الترهيب و التهويل و التخويف و القتل العمدي الذي مارسته و لا تزال تمارسه و ستظل تمارسه إسرائيل في حق شعب أعزل, فذاك طبعهم و الطبع غلّاب.
فالمتعّطش للدماء لن تستطيع مهما فعلت أن تثنيه عن ما يفعله, تماما مثلما يولد الذئب ذئبا و لن يتوانى عن التهام النعاج مهما أحسن إليه الراعي الذي يكفله منذ شب ذئيبا صغيرا, لذا فالشّر الكامن داخل بني صهيون يمحو صورة حمامة السلام التي يريد أن يصورها لنا المطّبعون و المنبطحون.
و لنا في أحداث الماضي آية في عدو يوازي في نقض العهود و المواثيق مع ما يقوم به الصهاينة حاليا, و هم المغول الذين كانوا يستعملون سياسة التخويف و المهادنة الكاذبة حتى يستبيحوا الأراضي, و كل ذلك كان يقع و المدن العربية و الإسلامية لا تذود عن بعضها و تتفرج لما يجري لجيرانها تحت ظل سلام زائف, إلى أن أكل هولاكو و قبله جينكيس خان كل القصعة و استبيحت بغداد و من بعدها حمص و حلب و ما قبلها خراسان و من بعدها بلاد السند و الهند.
حقا فما يجري حاليا يعتبر آية يمكن الاعتبار منها بتدارك ما فات السابقين من تخاذل الذي تحول لنصر مبين بعد معركة عين جالوت التي فرضت على المسلمين التوحد تحت راية واحدة, و تم النصر بإذن الله ليعود الخلاف و الاختلاف بعدها تماما كما يجري في هذا العصر…و من مقامنا هذا لا يسعنا سوى التضّرع للمولى العزيز القدير أن يرفع راية الحق و أن يجعل راية الباطل هي السفلى ، كما فعل تعالى يوم بدر بأوليائه المؤمنين نصرهم على أعدائه من المشركين ، مع قلة عدد المسلمين وعددهم ، وكثرة المشركين وعددهم…فلكم الله يا أهل غزة.