ينطبق على الجارة مالي لما جرت إليه الأحداث المتسارعة بسبب التهّور السياسي لدى الطغمة العسكرية في هذا البلد بحق المثل الجزائري الشعبي ” الخير بهراوته”, ففي حين كانت تسعى الجزائر مثلما كان بودها دوما لمد يد العون لجيراننا في أقصى الجنوب, يبدو أن الفرط في التواضع علم هؤلاء الإنقلابيين التطاول متناسين الخير الذي كان يتدفق من الجزائر من مساعدات عينية من أغذية و أدوية, في حين كانت دول أخرى تشحن دوما السلاح إلى هذا البلد قصد تأجيج الصراعات العرقية لأجل أغراض مصلحية.
و من خلال التصرفات الرعناء لهؤلاء الإنقلابيين الذين يبقى عموم الماليين عن سوء أدبهم براء, أدخل الإنقلابيون بلادهم نحو الحائط بينما تنصل من أفعالهم الشنيعة من أوهموهم أحلام وردية من خلال التطاول على الأسياد, فأين هم من قذفوا بزريعة “غويتا” إلى هذا المصير المظلم.
فما قامت به مالي من تصرف لم يكن ليجري لولا أن شرذمة العسكر الماليين لاقت ضمانات من قبل محّركي الدمى من وراء الستار, فمباشرة بعدما انتهى العرض بالتأكد من جاهزية الجيش الجزائري أسقطت الأراجوزات من أيدي محركيها, و باتت الدمى تتخبط أمام انسحاب المتفرجين على الوضع الذي أرجع مالي لزمن البداوة حتى أن ذات البلد عاد مجددا ليكتسب الشارة الحمراء كبلد لا يستحسن زيارته.
فحقا مهمة عساكر مالي فشلت بنجاح, و ذات التصرف من قبل تلك الطغمة التي أرادت عض اليد التي أطعمتها يذكرنا تماما بما فعلته فرنسا مع الجزائر التي وقفت معها ما بعد الثورة الفرنسية و مدت إليها الطعام و المؤونة و جنبتها شر مجاعة كانت ستمحي الجنس الفرنسي من على الخارطة, لكن سماحة الجزائريين فهمها الفرنسيون على أنها سذاجة و عوض شكر الجزائريين على صنيعهم راحوا يخططون لكيفية استعمار من كانوا منقذيهم بالأمس.
لذا فإذا كان هذا الحدث يذكرنا بذاك, فيبدو أن خيوط الجريمة بدأ ينكشف أصحابها الذين يرافقهم في جرمهم من يسعون دوما إلى الخراب في منطقة الساحل قصد الحفاظ على مكاسبهم التوسعية و التفكير في فك عزلتهم التي حرمتهم مثلما حرمت مالي من المضي شرقا و غربا إلا و هم مضطرين للعبور نحو مفترق طرق جوي…فحقا خاب دائما و أبدا من أضمر و يضمر الشّر للجزائر.