خلال لقائه السنوي مع المتعاملين الاقتصاديين، قدّم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تشخيصًا دقيقًا لوضع القطاع السياحي في الجزائر، كاشفًا عن جملة من التحديات العميقة التي تتجاوز النقص في البنى التحتية والمرافق السياحية. وركّز الرئيس في تصريحاته على وجود عوامل خارجية وإملاءات تؤثر سلبًا على تطوير هذا القطاع، ما يُفهم منه أن العراقيل ليست فقط داخلية بل تحمل أبعادًا جيواقتصادية.
وأكد الرئيس أن الجزائر، رغم امتلاكها لإمكانيات سياحية طبيعية وثقافية كبيرة تفوق تلك الموجودة في دول الجوار، إلا أن استغلال هذه الثروات يظل محدودًا بفعل التمسك بالثوابت الوطنية والسيادة، وهو ما عبّر عنه مجازيًا بقوله: “العمود الفقري الثابت لا تنجح معه السياحة التي تتطلب عمودًا فقريًا قابلاً للانحناء”. ويشير هذا التصريح إلى رفض الجزائر تقديم تنازلات على حساب مبادئها أو التماهي مع نماذج سياحية تعتمد على الانفتاح المفرط والتنازلات الثقافية لجذب السياح.
تحمل هذه التصريحات أبعادًا استراتيجية، حيث تبرز إرادة سياسية لبناء نموذج سياحي جزائري مستقل وذو خصوصية، قائم على السيادة والاحترام المتبادل، دون الوقوع في التبعية أو الابتذال الثقافي. في المقابل، تطرح هذه الرؤية تحديات تتعلق بكيفية تحقيق المعادلة بين الانفتاح الاقتصادي وحماية الثوابت، وهي معادلة تتطلب حلولًا مبتكرة واستثمارات نوعية وشراكات مدروسة.
تصريح الرئيس عبد المجيد تبون بخصوص السياحة و”العمود الفقري” يعكس نظرة فلسفية وسياسية عميقة لما يتطلبه تطوير هذا القطاع. عندما قال: “العمود الفقري الثابت لا تنجح معه السياحة التي تتطلب عمودًا فقريًا قابلًا للانحناء”، فهو يشير ضمنيًا إلى أن القطاع السياحي في كثير من الدول يرتبط بتنازلات معينة، سواء كانت ثقافية، أو اجتماعية، أو حتى سياسية، من أجل جذب السياح وخلق مناخ من “المرونة” في التعامل والانفتاح.
لكن في المقابل، الرئيس يؤكد أن الجزائر اختارت الحفاظ على ثوابتها وهويتها، وترفض الخضوع لإملاءات أو تغييرات تمسّ سيادتها أو قيمها تحت ذريعة تنمية السياحة. هذا التصريح يعكس التحدي القائم بين التنمية والانفتاح من جهة، والحفاظ على السيادة والهوية من جهة أخرى.