تسعى إسرائيل في الوقت الراهن بعدما فشلت في إخضاع مسلحي كتائب القسام و سرايا القدس إلى استعمال خطة جهنمية بمساعدة المطّبعين لنزع سلاح المقاومة عن طريق تسليمه و بلا شروط و كأن من قضوا خلال العدوان الصهيوني الذي يشارف على عامه الثاني كانوا مجّرد دمى أو حطب استهلكته نيران العدو التي لم تفّرق بين الأخضر و اليابس.
فالكيان المستبد من خلال هكذا مطلب يحاول المناورة للحصول على ما لم يحصل عليه منذ السنوات الأولى لاندلاع أولى شرارة الإنتفاضة, فهو من خلال التخّفي وراء إلحاح المطّبعين و المتنّطعين و زمرة المطّبلين يريد الحصول على تنازل لم يحصل عليه لا بالمفاوضات و لا بقوة السلاح الفتّاك.
و ذات الفكرة الجهنمية تعتبر من الوعود التي دوما يغدر بها المستعمر ناحية الشعب المغلوب على أمره, حيث سبق و أن توّعدت فرنسا إبان الثورة بنزع سلاح المجاهدين, لكنها لاقت عوض الانصياع الثبات و العزيمة على طرد الغزاة حتى انصاعت في عهد ديغول لمنطق الاستقلال.
فالجزائريون من خلال رفضهم مطلب الفرنسيين حينها, كانوا قد ضاقوا قبلها من الوعود المخادعة و الكاذبة خلال المقاومات الشعبية , أين تخّلت فرنسا عن كامل وعودها و قتلت و شّردت و قامت بنفي كل من استسلم وفق معاهدات ووثائق تم التنّصل من فقراتها بعدما تخّلى الموّقعون عليها على أسلحتهم, لذا تعهد مطلقو رصاصة أول نوفمبر بعدم إعادة الخناجر لأغمادها و عدم ركن المسدسات و كذا الرشاشات في مخابئها حتى يظهر الله أمره.
فالمتأمل لما يجري للمقاومة الفلسطينية يستوقفه عوامل الشبه بينها و بين الثورة الجزائرية المجيدة, حيث أن العدو الصهيوني من خلال هكذا مطلب يبرهن على أن خنجر المقاومة يكون قد وصل إلى عظم هيكل الكيان المزعوم.
و لنا في الشعب البوسني عبرة عندما صّدق وعود الهولندي كيرمس قائد قوات حفظ السلام الهولندية التابعة للأمم المتحدة الذي وعدهم بنزع سلاحهم مقابل حمايتهم, لكنه بالمقابل سلمهم منذ ثاني يوم لكتائب الموت الصربية التي قتلت في أجل أقصاه أربعة أيام 8000 مسلم , و شّردت الآلاف و اغتصبت نفس العدد و لم تفّرق بين الطفل الرضيع و الشيخ الكبير.
و ذات العبرة تبقى موسومة على فكر المقاومين إلى يوم يبعثون, فتسليم السلاح كتسليم الأرواح, فحقا صدق عبد الرحمن الكواكبي حين صدح ذات مرة قائلا “قوة السلاح هي الرادع الوحيد لكل مستبد”…و الله غالب على أمره و أكثر الناس لا يعلمون -سورة يوسف الآية 21-.