الدكتور بهلولي ابوالفضل مختص في العلاقات الدولية
الشعوب الإفريقية كانت تطمح في الديمقراطية والتحول الديمقراطي في القارة الإفريقية و بدون عنف وتحلم الشعوب الإفريقية بقارة سليمة وأكثر ديمقراطية, وفعلا انطلقت إفريقيا في عمليات انتخابية ناجحة ونماذح متميزة على غرار الانتخابات في الجزائر التي كرّست مبدأ أن السبيل الوحيد للوصول إلى السلطة يكون بواسطة آلية العملية الانتخابية وهذا تجسيدا لمعايير الحوكمة السياسية و التزام بأهداف الأجندة الإفريقية2063.
لكن هذا المسار الديمقراطي بدأ في التراجع في إفريقيا خاصة مع ظهور موجة الانقلابات العسكرية في الدول التالية التشاد المالي نيجر و بوركينافاسو بالإضافة إلى الأحداث الدموية التي عرفتها عديد من الدول الإفريقية نتيجة انعدام الجودة الانتخابية مثل الموزنبيق, هذا التراجع في العملية الديمقراطية حول إفريقيا و الساحل الإفريقي إلى بؤر للكيانات الإرهابية و الجريمة المنظمة.
و يعتبر هذا التراجع الكبير للديمقراطية في إفريقيا مساس بمصداقية الاتحاد الإفريقي, حيث أن مجلس الأمن و السلم الإفريقي لم يكن له دور كبير في ضبط الحوكمة السياسية مما أفقده مصداقية كبيرة خاصة أن مجلس السلم و الأمن الإفريقي حدد جدول زمني للعديد من الدول التي شهدت انقلابات عسكرية, لكن المجالس العسكرية لم تحترم هذا الجدول الزمني مما أدى إلى نشوب النزاع و أعمال عنف داخل القارة الإفريقية وقلة التنمية المحلية و التراجع في الحوكمة السياسية.
ولوحظ ارتفاع مؤشر العنف في القارة الإفريقية وارتفاع في عدد الملفات المطروحة في جدول أعمال مجلس السلم و الإفريقي, وهذا ما يشكل مرحلة من انعدام الأمن والاستقرار في إفريقيا و ظهور تهديدات على الدول الإفريقية على غرار تهديد تقسيم الدول الإفريقية, كما يحدث مع دولة السودان و الصومال.
و للأسف يرى الكثير أن الانفصال هو آلية للسلم وتجنب العنف, و في ذات السياق لوحظ أن إفريقيا تنازلت عن مساحات دبلوماسية لدول خارجية عن الاتحاد الإفريقي كوسيط لعمليات السلام, كالوساطة التركية بين إثيوبيا و الصومال, و الوساطة السعودية الأمريكية في قضية السودان, و الوساطة الصينية بين النيجر و البنين, وأمام هذه المعطيات أصبح من الضروري إعادة ترتيب بيت الاتحاد الإفريقي, لا سيما دور ومهام مجلس الأمن و السلم الإفريقي الذي من التزاماته متابعة تفيد قراراته وإلا تعرضت القارة الإفريقية الى إعادة رسم خريطتها.