يعتبر طبق الكسكسي الجزائري الأصل من أشهر الأطباق المطلوب عليها بكثرة في الجاسترونوميا الفرنسية, حيث بات من بين أشهى المأكولات في الرفوف الأولى لأفخر الفنادق الباريسية, و مثلما يعتبر هذا الإنجاز المحسوب على الجزائر بطبيعة الحال مفخرة لنا, بات لزاما علينا و نحن نخوض الحرب الإلكترونية التي ما فتئ الفرنسيون خلالها يتطاولون على بلاد الشهداء تحت لواء زعيمهم إيمانويل ماكرون طرح سؤال على مانو بشخصه “هل تعرف كيف وصل طبق الكسكسي إلى بلادكم من البلاد التي ادعيت زورا و بهتانا بأنها لم تكن تكتسب حضارة و لم يكن لها وجود قبل غزو القوات الفرنسية لأراضيها”.
و الجواب بطبيعة الحال لا تحمله كتب التاريخ فحسب, التي تتحدث بطريقة أكاديمية عن الباع الإيجابي لتسّيد الأسطول الجزائري على بحيرة الأبيض المتوسط خلال سنوات الفخر, بل تحمله مذّكرات ضبّاطكم و جنود بحريتكم في تلك الفترة الذين خصصوا معظم فقرات تلك المذّكرات لطبق الكسكسي الذين تعّلموه أيام الأسر التي تعرضوا لها خلال المعارك البحرية بينهم و بين ريّاس البحر الجزائريين.
فما لا يريد أن يستسيغه ماكرون و أزلام اليمين المتطّرف في بلد “الهيكساجون”, أن معظم جنود بحريتهم و بما في ذلك طبقة النبلاء و التجّار الذين كانوا يرافقون القطع البحرية الفرنسية خلال رحلاتهم التجارية, كانوا يتلقون الأسر عندما تكون فرنسا قد أخلت ّببنود معاهداتها كعادتها مع الجزائر.
جواب الجزائريين كان مثلما تفيد به مذّكرات من كانوا أسرى لدينا في التاريخ الحديث, بأنهم كانوا يقتادون نحو سوق النخاسة بالعاصمة الجزائرية تحت أنظار المواطنين من عموم الشعب الذين كانوا يشترونهم بأبخس الأثمان كي يعملون خدما في قصور أثرياء مدينة الجزائر و ما جاورها, في حين كان المسؤولون الفرنسيون يفتدون فقط النبلاء منهم و يتغاضون عن بقية جنود جيشهم الذي لا يعتبر معظمه أصيل سلالة الفرنسيين كما تجري العادة لدى هؤلاء القوم حتى يوم الناس هذا.
فخلال فترات أسرهم و عملهم كخدم عرف هؤلاء الفرنسيون كيفية تحضير طبق الكسكس الذين كانوا يقدمونه لأسيادهم و لم يكونوا يتذوقونه حتى ينفّض الجزائريون عن موائدهم, نعم يا سادة أقول قولي هذا ليس تعاظما بتاريخنا, و لكن جوابا وافيا كافيا و شافيا لصدور الجزائريين الذين بات بعض المتنطعين يشّككون في تاريخنا المجيد مما جعل ماكرون هذا يتطاول على أمة ركبت أمته في القرون الغابرة, و التي كان بإمكانها احتلال فرنسا لكن رقعتنا الجغرافية الواسعة و كذا ثقافتنا غير التوسعية لم تسمح لنا بما فعلته فرنسا بنا على حين غرة, أين تغافل هؤلاء الأوغاد عن اليد التي مّدت لهم الطعام ذات يوم و قاموا بعّضها كالوحوش الضارية أو أشد قسوة…نعم يا سيدات و يا سادة هذه هي أحد فصول الحرب الإلكترونية التي ينبغي أن نشّنها على أعدائنا و لا يزال للقصة بقية متبقية . .