ما قل ودل

صدْمة الوَعي والتّخطيط الاستراتِيجي

شارك المقال

في أتون المعارك الفقهيّة والفكريّة قد لا تكون أمام الأفكار الموروثة فقط، ولكن تُجابِه “السّلطات” الثّقافيّة والمعرفيّة القائِمة والمؤسّسات التي تتبنّى ما تَرغب في نقده وتجاوزِه،.

فالتدّرج سُنّة ربانيّة من أجْل الهِداية، هنا الفَرق بين أبي حامد الغزالي وابن رشد، وبين أبي الحسن الشّاذلي والحلاّج، وبين سيّد قطب وحسَن البنا، بين غاليلي ونيوتن.

كتب رونيه ديكارت (وهو بصدد إكمال كتابه: مقال في المنهج) رسالة إلى صديقه (الرّاهب) مارين مارسان Marin Mersenne بتاريخ 28 يناير 1641، يُعبّر فيها عن رغبته في عدم الكشْف عن الطّبيعة المناهضة لأفكار أرسطو في فلسفته، وذلك لتجنّب إثارة معارضة من أنصار الفلسفة الأرسطيّة.

ففي عصر ديكارت كانت الهيمنة الأرسطية قويّة على الفكر الأكاديمي والدّيني في أوروبا، قال:”و لكن أرجو ألا تُخبر أحدًا بذلك؛ لأن من يُناصرون أرسطو قد يجدون صعوبة أكبر في قَبولها؛ وآمل أنّ أولئك الذين يَقرؤونها سيعتادون تدريجيًا على مبادئِي، ويعترفون بصحّتها قبل أن يُدركوا أنها تقوِّض مبادئ أرسطو.”

التدّرج منهج استراتيجي في صدْمة الوعي، واستدراج الجمهور من المثّقفين والمتعلّمين، وتجنّب المواجَهة مع الرّأي السّائد مرّة واحدة.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram