
أما في “الأحاديث” فقد دافع عن الجمهورية، والكتابان: عبّرا عن وجهة نظر سياسي واقعي في الحكم، أنّ ما يَهمّ هو النّتائج السّياسية.
كان يعيش في إيطاليا الممزّقة التي تحتاج إلى حاكِم قويّ ونموذجه الدّولة الرّومانية، غير أنّنا نقرأ من خلال تحليلاته تعرُّضِه ضِمنياً لأمراض نفسيّة تحدّث عنها الغزالي والمغيلي -رحمهما الله- قد تعصف بالمسؤول مهما كانت مسؤوليته (ولاية خاصّة أو ولاية عامة)، فالعَجرفَة والتّكبّر والاعتداد بالنّفس لا تدلّ على القوّة، بل على فقدان الفِطنة والانفصال التّدريجي عن الواقع.
يرى ميكافيللي أن المسؤول الذي يُصدّق المدِيح، ويُحيط نفسَه بالمنافقين، ويَرفضُ النّقد، يَسير نحو عزلةٍ خطيرة، فمثل هذا المسؤول يُصبح غير قادر على قراءة المزاج الشّعبي، ولا على التّمييز بين النّصيحة والمحاباة، مما يُعرّض سُلطته للتّآكل والانهيار.
روي عن سهل بن عبد الله التّستري: “ما نَظَر أحدٌ إلى نفسِه بعين التّعظيم إلا وقع في الكِبرياء، وما تَواضع أحدٌ إلا رفَعه الله”.