تتشابه الأيام و تستنسخ اللحظات في فقرات يعيد فيها التاريخ نفسه, فما نعيشه اليوم من احتقان جرّاء تكالب الغرب على كل ما هو عربي و إسلامي في زمن إسلامو-فوبي لم تمّر به أمتنا منذ قرون مضت, فنفس المشاهد بدأت تتّكرر لكن الأدوار هذه المرة تم توزيعها على ممثلين آخرين.
أعرف أن كلامي يكون قد لخبط بعض الأفكار و يقابله البعض من التنويريين الجدد بأنه كلام عرفاني و فلسفي لم يعد له وجود, لكن بالعكس فما عاشه أسلافنا بالأمس في القرون الوسطى لا زلنا نعايشه حتى الآن لكن بآية مقلوبة.
فالأجواء المشحونة من تكالب الغرب لضرب من دون منه قوة و مستوى في الوقت الراهن بدأت ملامحها تتشابه أيام الحروب الصليبية, أيام ريتشارد قلب الأسد, و أرناط و لويس التاسع, في غياب للأسف الدور المسند لنور الدين زنكي و الناصر صلاح الدين.
بالمقابل في سوق العمالة و النذالة فالأدوار “على قفى من يشيل” مثلما يقول إخوتنا المصريين, فمثل ابن العلقمي الذي باع بغداد الآلاف, و مثل طائفة الحشّاشين و من غلاة الإسماعيليين المئات يتم استعمالهم وقت الحاجة لضرب المسلمين بالمسلمين من عيار داعش و القاعدة و بوكو حرام و جماعة أبو سياف, و غيرها من التسميات التي لم ينزل بها الله من سلطان.
و الآن نتحدث عن دور سلامة ذاك الرجل الأعمى الذي ظّل يحّذر العالم الإسلامي و هو يجول و يصول في أراضيه من شرقه لغربه من خطر المغول الداهم, لكن و لا أحد أنصت له, تماما كما يفعل بعض العقلاء و الخبراء الذين يحّذرون من مغّبة التطبيع مع استمرار المقاومة و مساندة حركات التحرير و مثل سلامة باتوا عملة نادرة. دون سيان الدور البارز الذي يلعبه الجزائريون الذين كما هو معلوم لا يوجد في قاموسهم تلك الكلمة الشنيعة, على عكس من أضحوا يعبدونها حتى النخاع و يخرجون سكان قراهم من ديارهم بغير وجه حق لكي يسكنها من قدموا من أراض سبق و أن احتلها أجدادهم ظلما و عدوانا.
و مثل الممالك المتهالكة التي سقطت تحت ضربات هولاكو و قبله جنكيس خان العشرات, الذين ألفوا الرضاعة من ثدي الخزي و النذالة, فنحن نشهد أنظمة لم تكتف بتضييق الخناق على المقاومة في أكناف بيت المقدس فحسب, بل راحت تبسط للكيان الصهيوني عدو الأمة أفرشة الذّل و الهوان و تستعين به عسكريا لتهديد أمن جيرانهم.
فلم تكتف أنظمة يتعّفف القلم عن خط اسمها من السماح للسفن الصهيونية كي تستريح في موانئها و يلهوا أفراد أطقمها و يزهون بينما باطن بواخرهم تشحن بالأسلحة و عتاد غيار الطائرات الحربية و رؤوس الصواريخ لضرب إخوتنا في قطاع غزة المظلوم و المحاصر.
و أمام كل هذه المعطيات المتشابهة بما سبق بالأمس, بحثنا فلم نجد الدور الذي يمكن تسليمه لقطز الذي أسقط أسطورة التتار و محاها للأبد في معركة عين جالوت, بالمقابل وجدنا المئات ممن يؤدون دور المستعصم آخر خلفاء بني العباس الذي قضى مهانا تحت حوافر خيل المغول, بعد حياة بذخ ظل فيها يكنز الذهب و النفائس فيما شعبه على غرار بعض شعوب الممالك المتهالكة حاليا يتضورون جوعا.
و اعذروني يا سادة و إن قمت من فراشي و تبادرت في ذهني هذه الخاطرة التي سأظل أبحث من خلالها على من سيمثل دور قطز رغبة في الوصول إلى النهاية السعيدة مثلما شاهدناها في فيلم “وا إسلاماه”…يومكم سعيد مليئ بالتفكير فيمن سيحمل ذرع الملك المظّفر قطز.