يُعدّ كريس هيدجيز Chris Hedges، المفكّر النقدي والصحافي والقسّ الأميركي واحداً من أشجع وأجرأ الصحافيّين والكتّاب الأميركيين و الغربيين عامة، حيث يكتبُ بشكلٍ يوميٍّ ودون خوف من العواقب على مدونته الخاصة، مُعرّياً وفاضحاً ما يسميه هو نفسه الإبادة الجماعية ضدَّ أبناء غزة الفلسطينيين يرتكبها “خونة الهولوكوست”، على حدّ تعبيره.
ألّف مقالات عالية الجرأة ومثيرة للجدل بالإنجليزية، أدانت حرب الإبادة في غزّة، وكان من أبرزها المقالة المحاضرة التي نُشرت بعنوان “موت إسرائيل”.
كما أجرى سلسلة من الحوارات مع ناشطين وباحثين ومفكّرين، من بينهم الباحثة الفلسطينية والمحامية المدافعة عن حقوق الإنسان والأستاذة الجامعية نورا عريقات، من أجل شرح حقيقة ما يجري في غزّة للجمهور الأميركي.
ألقى كريس هيدجيز في الثامن والعشرين من أبريل الماضي خطبة فريدة، سماها “موعظة غزة”، في مخيم احتجاج تضامني ضدّ العدوان، نظّمه طلاب كلية اللاهوت في “جامعة برينستون”، قدّم فيها تعريفاً جديداً للمثقف الكوني بأنه عابر للحدود والثقافات والقوميات والأديان يتمرّد على قيوده المحلّية وينخرط في تضامن عالمي أكثر فعالية مع ضحايا الحروب من أجل إرساء مقاومة حقيقية وفعّالة قادرة على مواجهة عالميّة لما يسميه هو نفسه “الشر العالمي” للنخب التي تشنُّ الحروب وتقتل الناس من أجل مصالح خاصة.
شنّ كريس هيدجيز هجوماً لاذعاً على المؤسّسات الغربية الحاكمة: الدولة والصحافة والكنيسة والمحاكم والجامعات، قائلاً إنَّ هذه المؤسّسات تتشدّق بلغة الأخلاق، لكنها تخدم بنى القوّة، وهي متواطئة من خلال صمتها أو تعاونها مع الشرّ الراديكالي.
ولقد حدث هذا من قبل أثناء الإبادة الجماعية للسكان الأصليين في أميركا، وفي فترة العبودية والمكارثية ومحطّات أُخرى من التاريخ الأميركي تحوّل فيها الأشخاص الأكثر شجاعة إلى منبوذين.
وختم موعظته قائلا، يتجلى الشّر العالمي في ما يحصل اليوم من إبادة في غزّة أمام العالم، والغالبية صامتة ما عدا القلة الشجاعة، ومنهم طلبة الجامعات الأمريكية والأوروبية الذين أبدوا شجاعة نادرة غير متوقعة مطالبين بوقف الإبادة الجماعية التي تجري حاليا في غزة فلسطين.