ما قل ودل

لفيركوزن تناديه و السيتي تحلم به…آه يا بلادي كم من عمورة ضيعتي

شارك المقال

نتفاخر و نحن نرى أمثال عمورة و بوداوي يقارعون اللاعبين العالميين في الميادين الأوروبية, لكن رغم رؤيتنا لإبن مدينة جيجل و بشار و هم يحّققان الإنجازات الكروية على الصعيد الدولي, نطرح إشكاليتنا في هذا المقام ما هو محل إعراب أمثال عمورة و بوداوي الذين لا يزالون يزاولون ممارسة الكرة في الظل , و أقصد هنا الأصناف الصغرى التي ينعدم في جلها الاهتمام خصوصا في المناطق النائية, علما أننا نمتلك من أصحاب الحّل و الربط في الميادين الكروية ما يرّشح الجزائر لتكون برازيل إفريقيا.

و السؤال الذي يجب أن يلقى الإجابة من لدن المسؤولين, ما سّر عدم استنساخ أمثال عمورة و بوداوي و عطال و لماذا نبقى ننتظر بروز أمثال اللاعبين المذكورين الذين لولا ظروف استثنائية يرفها العام و الخاص لما كانوا على ما عليه الآن.

و الإجابة على هذا السؤال بسيطة و طالما أجبنا عنها في مقالاتنا, و يعرفها العموم و الخواص من متتبعي الكرة لدينا, و هي عدم إيلاء الاهتمام بالفئات الشبانية خصوصا من أسفل السلم أو بالأحرى يجب أن يكون الاهتمام على طريقة الهرم المقلوب كما يقّر بذلك علم الإجتماع.

فالإعانات المالية التي باتت تصرفها الدولة على النوادي الرياضية خصوصا الكروية منها و هم أصحاب حصة الأسد لا يستخدم منها إلا النزر القليل فقط للدفع بعجلة التكوين إلى الأمام, حتى أضحت بعض الأندية تراهن على تحقيق الصعود من أجل إدخال الفرحة على الجماهير متناسين في ذلك ما يعانيه الصغار في أسفل الدرج, أين قد يحرمون في العديد من المرّات من اللعب عندما لا توفر لهم حافلة للنقل و هناك لاعبين بشهادة من أعرفهم أنا شخصيا لا تكّلف إدارات فرقهم توفير المأكل و المشرب خلال التنقلات.

فبالله عليكم كيف تريدننا أن نقطف ثمار كروية من عيار عمورة و بوداوي الذين “فلتوا من السبحة” مثلما يقول المثل, بسبب ظروف استثنائية مروا بها , فما بال من ينتظر الاهتمام فقط في الأصناف الصغرى حتى ينال فرصته للبروز.

و الحديث عن ضياع المواهب الكروية يقودنا إلى استقالة معظم الكشّافين, و كذا انهيار الاهتمام باكتشاف الرياضيين في المدارس , حيث من المفروض أن يتحالف مسيرو الأندية مع المنظومة التربوية لكشف الستار عن العصافير النادرة.

و إذ أنا هنا أرّكز على المنظومة التربوية فأضرب من خلالها مثلا باكتشاف الظاهرة يوسف بلايلي, الذي بدأ من العدم و كان سيكمل مشواره كذلك لولا أحد مدّرسي مادة التربية البدنية خلال فترة تمدرسه, و هو يرى العجب من هذا الفتى الذي أصّر على والده على ضرورة متابعته و تتلمذ منذ نعومة أظافره الصغير يوسف في نادي صغير اسمه “أر.سي.مارافال”, و من بعدها تقاذفته أيادي خيرة الكشّافين لحسن حظه في رائد غرب وهران, إلى أن انتقل إلى مولودية وهران و من هنا بدأت القصة.

قصة أخرى أيضا يمكنني ان أسردها حول النجاح الذي لولا الصدفة ما تجّلى للعيان, و هو الظاهرة بغداد بونجاح الذي لم يكن ليكون صانع ألعاب الخضر لولا المتابعة اللصيقة لأحد مدربيه في الفئات الصغرى الذي يشغل منصب دكتور في الرياضة في جامعة “إيسطو” بوهران حاليا, الذي أصّر هو الآخر على تصنيف بونجاح و بلايلي ضمن ظواهر الكرة التي يجب على نادي “الأرسيجيو” إيلاء الاهتمام بها.

فالأمر عند اكتشاف مثل هكذا ظواهر لا يتطلب ماء العينين, بل يتطلب إيلاء الاهتمام بالأصناف الصغرى التي لا يزال أفرادها يعانون الأمّرين من خلال تفكير الفرد الصغير في كيفية اقتناء حذاء رياضي ناهيك عن وجبة متواضعة وراء كل مباراة و وسيلة نقل مريحة تأخذه و تعود به بعد كل منافسة.

و الحديث الطويل هذا يقودنا إلى البسنسة لدى الفئات الصغرى, أين نجد أن معظم النوادي الكروية باتت تفرض رسوما شهرية مبالغ فيها قصد ممارسة الصغار لكرة القدم , الأمر الذي يجعل عدة مواهب ينسحب أولياؤهم من السباق لأن ظروفهم المادية لا تسمح.

فبركم كيف تريدوننا أن ننجب أمثال عمورة و بوداوي, و الأمور لا تبّشر بخير في أسفل سلم الهرم…و الكرة هنا أمررها عبر مقالي هذا لأصحاب الحّل و الربط, و أصحاب من يدّونون أرقام فلكية كإعانات مالية للفرق, أفما كان من الأجدر التساؤل عن مآلها و ما إعراب الأصناف الصغرى منها…ذلك هو السؤال نعم هو ذاك السؤال…يوم الجميع مبارك سعيد.

 

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram