تعمل الجهات المختصة في التأريخ في الضّفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط لفترة الاستعمار الفرنسي ليس فقط على تمجيد احتلال دام 132 سنة في الجزائر فحسب, بل تريد حتى طمس هوية الأدباء و المفكرين و مختلف الوجوه الرياضية و حتى من أتباع الدين المسيحي و اليهودي الذين تعايشوا سلميا مع الجزائريين و الذين ناصروا علنا الثورة التحريرية المباركة, مما جعلهم منبوذين و محل ازدراء لدى أبناء جلدتهم الفرنسيين, و حتى منهم من قضوا في سبيل أن تحيا الجزائر أمثال فيرناند إيفتون و موريس أودان, و يأبى الفرنسيون حتى ذكرهم في أرشيفهم التاريخي لا لشيئ إلا لأنهم لم يقفوا مع الظالم ضد المظلوم.
و من هذا المنطلق و لإعطاء كل ذي حق حقه, سوف تشرع جريدة “المقال” بالتعاون مع خبراء في التاريخ و التأريخ و مختلف الأكاديميين التابعين لمختلف مخابر الجامعات الجزائرية, على كشف النقاب عن هاته الفئة و كيف عايش هؤلاء تلك الفترة الأليمة من تاريخ الجزائر, و على إبراز دور هؤلاء الأبطال الذين وقفوا ضد بلادهم و ضد كل تصرفات رأوها بأنها همجية, في حين يدّعي المسؤولون الفرنسيون في الوقت الراهن أن الاستعمار كان ذو جوانب إيجابية أكثر منها سلبية, و هو الخطاب المتداول لدى الشريحة العظمى من تيار اليمين المتطّرف المتصاعد بشّدة خلال هذه الأيام في بلد الحريات فرسا.
موريس أودان و فيرناند إيفتون وهبوا حياتهم من أجل تحرير الجزائر
و من منطلق دوما إعطاء كل ذي حق حقه وجب التذكير بمناقب أمثال هؤلاء الذين أعطوا مشوارهم و عطاءهم و في بعض الأحيان أرواحهم خدمة للقضية الجزائرية, على غرار موريس اودان الذين أدين و حوكم على حين غّرة, و نفذت فيه كتائب الموت من اليمين المتطرف حكم الإعدام بعد اختطافه ليبقى شأنه شأن الآلاف من شهداء ثورة التحرير المجيدة بلا قبر.
و الحديث عن موريس أودان يقودنا للتعريج على تضحيات جون إيفتون الفرنسي من الأقدام السوداء ذو الأصول اليهودية الذي وقف منذ إطلاق أول رصاصة للحرية في أول نوفمبر إلى جانب الثورة التحريرية المباركة, معتبرا نفسه جزائريا من الدرجة الأولى, و من هنا كلف هذا الموقف جون إيفتون حياته, أين حكم القاضي الفرنسي العسكري حينها على إيفتون بالإعدام بالمقصلة شأنه في ذلك شأن أحمد زبانة, و غيره من الجزائريين كثيرون أهدوا حياتهم على مذبح الحرية, من أجل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة.
دوائر حفية في فرنسا تريد إخفاء تضحيات هؤلاء
لكن على النقيض تعمل دوائر القرار الخفية في الضفة المقابلة على إخفاء تضحيات هؤلاء الذين كانوا من جلدتهم لكنهم لم يكونوا راضين عن الظلم و الجور الذي مارسته فرنسا في الجزائر, فظلوا طيلة حياتهم معتّزين بجزائريتهم و باعوا فرنسيتهم مقابل أن يروا الجزائر يحكمها أبناؤها متأسفين بالمقابل على كل الفترة التي قضتها الجزائر مكّبلة بالاحتلال الهمجي الغاشم.
قوى الظلام الدامس تعمل على تمجيد الدور السلبي لأقدام السوداء
للتذكير أن قوى الظلام الدامس في فرنسا تريد من الجزائريين موازاة مع إخفاء دور هؤلاء الأبطال أن يتذكروا فقط الدور السلبي الذي لعبه بعض من مشاهير الأقدام السوداء الذين لم يناصروا قط الثورة الجزائرية, و كانوا من أصحاب تمجيد الفكر الاستعماري, أو بلغة أخرى مع نظرية الجزائر فرنسية من عيار المغني الصهيوني “إنريكو متسياس” و الموديليست “إيف سان لوران” الذي قيل بشأنه الكثير من السلبيات و أيضا “ألبير كامو” الذي لم يقل كلمة واحدة لفائدة الثورة الجزائرية و هو الذي كان يسكن مقابل مقر البريد المركزي بوسط مدينة وهران, و هو المقر الذي حدثت فيه أول عملية فدائية من أجل تمويل الثورة الجزائرية و المتمعن في أرشيف كامو لا يجد كلمة واحدة تطري على الثورة الجزائرية…و غيرهم ممن تشاركوا في هذا المنطق كثيرون.
جريدة المقال سوف تعمل على كشف اللثام بسلسلة سيرة و سير
و من خلال سلسلة وثائقية سوف تعرض على صدر صفحات جريدة “المقال” على شاكلة سيرة و سير, نعد قراءنا الأوفياء بمحاولة كشف النقاب عن هاته الفترة الت يراد تغييبها من الجهة المقابلة من أجل إيضاح دور هذه الشريحة الذين ضحى الكثير ممن ناصر القضية الجزائرية بحياته لرؤية الجزائر مستقلة, فمنهم من ضحى بمشاركته في المعارك المسلحة مع جيش جبهة التحرير و فلول الفدائيين و منهم من شارك بقلمه ضد الطغيان و الظلم على غرار المفكر الفيلسوف “جون بول سارتر” و أيضا المؤرخ الذي ولد بمدينة فرندة “جاك بيرغ”, دون نسيان “روجيه غارودي” الذي أصبح فيما بعد “رجاء غارودي” بعد اعتناقه للإسلام…و غيرهم كثيرون, كل ذلك لكي نكون منصفين و نعطي لكل ذي حق حقه كما عهدنا قراءنا الأفوياء منذ أن أصبحت جريدتنا “المقال” ذات الخط التنويري عنوانا للصدق و المصداقية.